إعداد :عبد العزيز المولوع
تجددت معاناة سكان العديد من الجماعات القروية الواقعة بجبال ازيلال مع موجات البرد والصقيع والتساقطات الثلجية، التي تشل أنشطتهم اليومية وتقيد حركيتهم، ليرغموا على البقاء في بيوتهم المتواضعة، درءا لتبعات انخفاض درجات الحرارة، التي تصل هذه الأيام إلى معدلات تحت الصفر.

التدفئة هم جماعي
فعلى مدى 180 يوما تقريبا يكون سكان جبال اقليم ازيلال في محاولات حثيثة للبحث عن الدفء عن طريق اقتناء لوازم دلك ، فوسائل التدفئة وحدها الكفيلة لإعادة الحرارة إلى معدلتها الشبه عادية ، خاصة أن وسائل التدفئة سواء العصرية أو التقليدية تكون حرارتها ممركزة في المكان الذي توجد به ، فيما تبقى الفضاءات الأخرى للمنازل تقبع تحت البرد و يصعب الجلوس فيها.التدفئة همّ جماعي لساكنة المناطق الجبلية ، تنشغل بذلك قبل دخول فصل الشتاء، والكل يتعبأ لهذه الفترة الحرجة من السنة، هنا يمكنك أن تنام من دون تناول وجبة العشاء، لكن من الصعب عليك أن تغمض عينيك من شدة البرد. تساقط الثلوج يزيد من تفاقم عزلة بعض المناطق، فيما تجد بعض الفئات نفسها في شبه عراء تام تحت درجة حرارة تصل إلى ما دون الصفر”.. هكذا يحكي بعض أبناء قرى ايت عبي بتيلوكيت وايت عبدي بزاوية احنصال وايت بولمان بانركي بمرارة .
معاناة التلاميذ تتفاقم والدراسة تتوقف
يكابد التلاميذ المعاناة مع البرد القارس بصمت في ظل هشاشة مجموعة من المؤسسات التعليمية ببعض الفرعيات، وكذلك تفشي الفقر الذي يجعل الآباء غير قادرين على توفير الملابس الواقية من البرد لأبنائهم، أو حتى توفير التغذية التي تعطيهم الطاقة اللازمة لمواجهة قساوة الطقس، ما يؤثر على التحصيل الدراسي. فبالرغم من أن وزارة التربية الوطنية لجأت مؤخرا إلى توفير وسائل التدفئة بالمؤسسات التعليمية، فإن هذا المنتوج يواجه بالرفض من طرف رجال التعليم وكذلك التلاميذ، نظرا لتداعياته الصحية .

شهداء الثلوج والصحة الموبوؤة
يحكي بعض السكان بتينكارف ايت عبدي جماعة زاوية احنصال ماسيهم خلال هده التساقطات الثلجية احداثا ماساوية وقعت لهم .عن مرضاهم الدين يتقاسمون نفس وسائل النقل مع الموتى حيث يحملون على النعوش لمسافات طويلة وكثيرا ما مايرجع المريض ميتا بسبب بعد المستشفيات وضعف الخدمات والاهمال والاستهتار بالمرضى .اما النساء الحوامل فكثير ا ما يضعن مواليدهن في الطريق ويفقدنهن بسبب البرد القارس او ينضفن الى قائمة شهيدات الثلوج فكل سنة تسجل حالات وفيات في صفوف النساء الحوامل هذه السنة سجلت بدورها حالة وفاة لشابة من جماعة ايت عباس في عقدها الثاني بعدما فارقت الحياة نهاية الاسبوع المنصرم ،وهي حامل تعذر معه نقلها للمستشفى بسبب الثلوج الكثيفة التي تساقطت على المنطقة الجبلية.

موارد العيش …مخزون غذائي قد ينفذ
الفلاحة التي تبقى الى جانب تربية الماشية من الانشطة الاقتصادية للساكنة و التي اجتاحت الثلوج اراضيها الزراعية مما حال دون حرثها .كما ان الاعلاف قد تنفذ لدوابهم وقطعان مواشيهم حيث يتم حاليا الاعتماد على المخزون الغدائي الاحتياطي الدي قد ينفد في اي وقت ممكن .
فالمواطنين بهده المناطق يلجون الاسواق الاسبوعية على دوابهم او مشيا على الاقدام ويتبضعون مواد غدائية ومستلزمات العيش الضرورية ويكتوون باسعارها الغير المحددة واكد لنا العديد من الاشخاص ان هناك العديد من الدواوير لن يلجوا السوق الاسبوعي لعدة اسابيع بسبب انقطاع المسالك الطرقية الموصلة الى دواويرهم .
مجموعة من القرى والمداشر باعالي جبال ازيلال دخلت فيما يشبه مرحلة «البيات الشتوي» منذ أسبوع تقريبا ، بعد أن تهاطلت الثلوج على هذه المناطق وقطعت المسالك المؤدية إليها .فالثلوج التي تساقطت بشكل مكثف منذ أسبوع، قامت بإغلاق مجموعة من الفجاج والممرات الجبلية فارضة حصارا محكما على مجموعة من القبائل المنتشرة باقليم ازيلال ، خاصة وأن سمك الثلوج يتراوح مابين ستين سنتمترا و امتار مختلفة العدد على اختلاف المناطق ، الأمر الذي يعزل المنطقة بكاملها عن المحيط الخارجي، ويتسبب أيضا في نفوق قطعان الماشية ونفاد العلف، حيث يقل العشب و تتجمد المياه.
هكذا يعيش سكان المناطق الجبلية على إيقاع الخوف من تداعيات موجة البرد المنتشرة بهذه المناطق هذه الأيام. هكذا إذن يجد مجموعة من السكان أنفسهم، وأمام ارتفاع ثمن حطب التدفئة ، وتحكم مافيات الحطب في الأسعار التي ارتفعت بشكل قياسي، يتوجهون إلى الغابات المجاورة لحطب الأشجار، الأمر الذي يعرضهم للمواجهة مع حراس الغابة ولمتابعات قضائية . هكذا إذن تفجر موجة البرد بجبال ازيلال مجموعة من الإشكاليات التي ظلت مغيبة لحد الآن في كل البرامج المقررة لهذه الأقاليم؛ فمن انعدام التجهيزات الأساسية، خاصة الطبية منها بمجموعة من المراكز القروية لمواجهة مثل هذه الحالات، إلى التلاعبات بحطب التدفئة، إلى المطالبة بإعادة النظر في تصنيف هذه المناطق.
كل شيء يجب أن يتوقف هنا إلى حين مرور فصل الشتاء، فعلى الرجال برمجة المعاشرة الزوجية وفق برنامج يؤخر الإنجاب إلى مابعد الأشهر الثلاثة (نونبر، دجنبر ويناير) فالويل كل الويل لمن استلذ دفء الفراش في غير المواقيت المعلومة وتسبب في إدراك زوجته الوضع خلال هذه الفترة من السنة، فقد تكون العواقب وخيمة… وهناك حكايات عديدة في هذا الشأن .
موجة البرد القارس تشكل عاملا مؤرقا للأسر الجبلية بازيلال بالقرى، والتي يصل الأمر خلالها إلى حدوث وفيات بين الأطفال وكبار السن لغياب وسائل التدفئة واللباس الشتوي، والافتقار إلى الامكانيات المادية للتداوي، والاكتفاء بالوصفات التقليدية لمعالجة نزلات البرد .
إنها موجة البرد القارس التي تقابَل ببرودة رسمية في معالجة الظاهرة، فإذا كان مناخ هذه المناطق معروفا بكثرة التساقطات الثلجية خلال فصل الشتاء بالنظر للطابع الجبلي لها، فإن الواقع كان يفرض أن يتعامل المسؤولون بكثير من الاهتمام بمشكل البنيات التحتية والتجهيزات الخاصة بالتدفئة، ليس فقط بالمؤسسات العمومية والتعليمية، بل أيضا بالمنازل والإقامات عبر تخفيضات في أسعار استهلاك الطاقة.
هدا قليل من المعاناة التي يتحملها سكان اعالي الجبال باقليم ازيلال الدين يطالبون الجهات المسؤولة على المستوى المحلي والجهوي والوطني للتحرك من اجل فك العزلة المضروبة عنهم وتمكينهم من وسائل العيش الكريمة .