عبد العزيز المولوع
ساكنة دوار تسويتين بجماعة أيت تامليل بدمنات بإقليم أزيلال في مسيرة احتجاجية مشيا على الأقدام في اتجاه مدينة ورزازات ، المحتجون استعانوا بظهور البغال لنقل امتعتهم قضوا ثلاث ليال مبيتا في العراء، منذ الخميس الماضي، حيث يتوقفون للإستراحة بعد ساعات طويلة من المشي تصل أحيانا إلى ثمان ساعات متواصلة في مسالك جبلية في غاية الصعوبة للتذكير بمطالبهم … شعارات تُطالب بفك العزلة عن الاهالي، وتندد بالتهميش المضروب على دوار تسويتين فبعد طول انتظار لتدخل الجهات المسؤولة محليا واقليميا لتلبية مطالبهم الاجتماعية التي كانت محط احتجاجات ومسيرات وشكايات سابقة دون ان تسجل أي تدخل ما عدا وعودا سئمت الساكنة من سماعها.انطلقت المسيرة الاحتجاجية من دوار تسويتين المحسوب على جماعة ايت تامليل بدمنات اقليم ازيلال ، شارك فيها حوالي 100 شخص من الرجال : شبابا وكهولا، يحملون الأعلام الوطنية و لافتات تلخص معاناتهم اليومية ومطالبهم الملحة، وكل واحد كان يلتحف بغطائه وزاده، متجهين صوب مدينة ورزازات ، المحتجون قطعوا ثلاث ليالي سيرا على الاقدام يتوقفون كلما دب العياء الى اجسادهم النحيلة ليواصلوا المشي صبيحة اليوم الموالي املا في وصول مدينة ورزازات لايصال صوتهم لمسؤولي هذا الاقليم المجاور لاقليم ازيلال . المسيرة استجاب لها ما يربو عن 100شخص من سكان الدواوير المنتمية لتسويتين المثخنة بالفقر للمطالبة برفع التهميش والعزلة التي يعانون منها بسبب انعدام الطريق وانقطاع المسالك الطرقية عنهم لمدة طويلة عند كل تساقطات مطرية وثلجية في منطقتهم، وأكد المشاركون في هذه المسيرة الإحتجاجية أنهم عانوا بشدة من انقطاع المسالك الطرقية ومحاصرة دوارهم لمدة ستة أشهر في الموسم المنصرم، حيث تتجدد هذه المعاناة كل سنة فتتزايد مخاوفهم مع اقتراب كل موسم شتاء .
وتعد هذه المسيرة الثانية لهذه الساكنة نحو مدينة ورزازات بعد مسيرة السنة المنصرمة والتي اسفرت عن اقناع المحتجين بالعودة من طرف عامل الاقليم صالح بن ايطو كما قام انذاك عامل أزيلال وممثلين عن السلطات المحلية والإقليمية وبعض مسؤولي المصالح الخارجية للإقليم بزيارة إلى “دوار تيسويتين” وعاينوا معاناتهم ووعدوهم بالتدخل لتشييد الطريق وفك العزلة عنهم وتحقيق مطالبهم .
مسيرة هذه السنة تشكل بالنسبة للساكنة شكلا جديدا من أشكال التصعيد التي هدد بها السكان بعد أن تجمدت تحركاتهم طيلة هذه السنة املا في تنفيذ الوعود المقدمة لهم قبل بداية موسم الشتاء والا ستجابة لمطالبهم من طرف المسؤولين التي تعد الطريق أكثرها إلحاحا،وهي المطالب التي كانت الجهات المسؤولة تحاول في كل مرة مناقشتها وتقديم وعود في هذا الشأن ، بيد أن إحساس الغاضبين بعدم جدوى وعود السلطات وعدم استجابتها لتطلعاتهم وأمالهم في الحصول على وعود ملموسة وواقعية قرروا الانكباب على ما أسموه النضال المستميت لتحقيق مطالبهم ومن ثمة تنفيذ هذه المسيرة الماراطونية كخطوة أولى على أساس خوض اشكال نضالية اخرى اذا لم تتم الاستجابة لمطالبهم ، كما طالب الغاضبون بتدخل الملك للاطلاع على أحوالهم وإنقاذهم من لا مبالاة مسؤوليهم من تهميش تعددت وجوهه وطال أمده بمنطقة لا تتوفر على سنتمتر واحد من الطرق في وقت تعيش باقي المرافق الأساسية وضعا صعبا بسبب الخصاص الحاد في البنيات الأساسية والتجهيزات والموارد البشرية ، اضافة الى المشاكل العويصة في قطاعي الصحة والتعليم مما أسهم في تدني الخدمات وبالتالي تزايد نسب الأمية ووفيات الرضع والنساء الحوامل مشاكل كثيرة دفعت رجال منطقة تسويتين إلى الخروج في مسيرة، إذ أن المنطقة، وكما وقفت على ذلك «رسالة الامة»، تعيش في عزلة قاتلة، ومطالب كثيرة يريد إيصالها المحتجون إلى المسؤولين في وطنهم . وتفيد تصاريح متفرقة لبعض سكان جماعة تسويتين المشاركين في الاحتجاج ان ما جعلهم يقدمون على هده الخطوة التصعيدية بتنظيم مسيرة سلمية في اتجاه اقليم ورزازات بدل عمالة ازيلال وقطع مئات الكيلمترات على الأقدام ، هو أن الحوارات واللقاءات مع الجهات المسؤولة اقليميا لم يتحقق منها أي شيء سوى الوعود تم الوعود ، وان المنطقة تعيش في عزلة تامة بسبب غياب مسلك طرقي ،” علي” 53 سنة أحد المحتجين، جلس أرضا وأطلق لسانه للحديث عن المعاناة « نحن ساكنة دوار تسويتين مقطوعين عن العالم»، يصمت ثم يتابع شرح الأمور بتفصيل «من ناحية وسائل التنقل فهي غائبة عن المنطقة الذي تعيش عزلة تامة قاتلة خصوصا في فصل الشتاء حيث تكسو الثلوج كل المنطقة وتؤدي الى انقطاع المسلك الطرقي . تتسبب من حين لآخر في وفيات في صفوف النساء والأطفال والمرضى، خاصة عند الحوامل. فعندما تعجز قابلات الدوار عن إنقاذ المرأة يكون الحل في غياب وسائل النقل والطرق هو حملها على متن نعش الموتى من طرف أربعة أشخاص من الدوار أو أكثر، الى منطقة قريبة من الطريق بعد قطع عدد من الكلمترات ثم يضعونها بجواره في انتظار وسيلة نقل.
ويضيف السكان أنه طال انتظارهم لعدة شهور ولم تتحقق الوعود التي تلقوها من مسؤوليهم مما أجج غضبهم وقرروا تنظيم مسيرة ثانية إلى ورزازات للتأكيد على ضرورة التعجيل بتحقيق مطالبهم، واعتبروا احتجاجهم مشيا على الأقدام لعدة أيام رغم ما يكتنفه من مخاطر وسيلتهم الوحيدة للتعبير عن غضبهم ولفت انتباه المسؤولين.
وبكثير من الحسرة والأسف يسرد المحتجون معاناتهم في ظل الحصار الذي يعانونه بسبب انقطاع المسالك الطرقية ،ويتذكرون وفاة ثلاثة من الأطفال الرضع بعد الولادة بسبب عدم قدرة النساء الحوامل على التنقل إلى المؤسسات الصحية وبسبب كثافة الثلوج لم يتمكنوا من الوصول إلى المقبرة واضطروا لدفنهم في أقرب مكان من منازلهم بعد جهود وعناء كبير لإزالة أكوام من الثلوج،وأصبح شبح الموت يطارد النساء الحوامل خلال موسم تساقط الثلوج أمام عجز سيارات الإسعاف عن الوصول إليهن ،كما يضطر أبناء المنطقة القادمين من مختلف المدن من ترك سياراتهم بالقرب من مقر قيادة أيت تامليل وقطع العشرات من الكيلومترات مشيا على الأقدام أو على متن الدواب للوصول إلى منطقتهم.
وعبر المحتجون عن إصرارهم على مواصلة الإحتجاج ومواصلة مسيرتهم إلى مدينة ورزازات وقد يقررون التنقل إلى العاصمة الرباط إلى حين تحقيق مطالبهم.