الغش في الامتحانات المدرسية… الأسباب والنتائج ومن المسؤول؟

1 يونيو 2021
الغش في الامتحانات المدرسية… الأسباب والنتائج ومن المسؤول؟
محمد بنوي : باحث في مجال التربية و المجتمع

 

 

مدخل :

يمكن القول ان الغش كسلوك فردي واجتماعي قديم قدم الإنسان نفسه ، عرف عدة تطورات وتغيرات بتطور وتغير المجتمعات الإنسانية واتخذ عدة أشكال حسب المجالات التي يمارس فيها سواء كانت إقتصادية او اجتماعية او سياسية او تربوية او رياضية ،حتى المجال الديني لم يسلم من هذه الآفة .ورغم أن الجميع ،حتى الغشاشبن أنفسهم ،يتفق ان الغش سلوك غير مشروع وفعل مذموم فإنه يوجد ويسود وينتشر بين جميع الفئات و الطبقات الاجتماعية الفقيرة منها والميسورة ،المتعلمة منها وتلك التي تملك رصيدا بسيطا و متواضعا من العلم و المعرفة وايضا تلك التي لم يسعفها الحظ او لم تتح لها الفرص للتعلم ،فلماذا إذن يلجأ بعض الأفراد او مجموعة من الأشخاص إلى سلوك طريق الغش لتحقيق منافع ومصالح أوغابات واهداف ؟ لماذا لا يسلكون الطرق المشروعة لتحقيق ما يصبون إليه؟ ما هي الانعكاسات التي تخلفها هذه الوسائل الغير أخلاقية والغير قانونية سواء على مستوى الفرد او على صعيد المجتمع ؟ وكيف يمكن تحصين الوسط الاجتماعي بشكل عام والفضاء المدرسي بشكل خاص من الغش؟ ما السبيل إلى نشر و تكريس ثقافة النزاهة والاستحقاق بدلا من ثقافة الغش والتدليس والتحايل والتضليل ؟

الأسباب.. النتائج والحلول :

لا يسمح هذا الحيز لرصد جميع الأسباب والنتائج المتعلق بسلوك الغش المنتشر في جميع مناحي الحياة ،لذلك سنكتفي بالتطرق إلى البعض منها فقط والتي تؤدي إلى وجود هذا النوع من السلوك داخل الوسط المدرسي خاصة في جميع مراحل التقويم التربوي في كافة المستويات والأقسام الدراسية خصوصا اثناء الامتحانات الاشهادية الإقليمية منها -السادس ابتدائي -والجهوية الخاصة بالثالثة اعدادي والسنة الأول بكالوريا والامتحان الوطني المتعلق بالسنة الثانية بكالوريا ، او حتى بالجامعات ، فحينما نتحدث عن غياب النزاهة وتكافؤ الفرص والاجتهاد بالاعتماد على القدرات العقلية والامتحانات والامكانيات المعرفية للمتعلم او الطالب الناتجة عن المتابرة في التحصيل الدراسي ، وحينما نتحدت عن الغش في الوسط المدرس والجامعي يحس المرء – خاصة الفاعل التربوي- بحرج كبير وباسف عميق ويتساءل بكل مرارة: كيف يعقل أن يغيب الوازع الأخلاقي والضمير المهني والتنافس المعرفي الشريف في فضاء يعتبر تربويا بامتياز ؟ إذا لم يحصل النجاح ويتحقق التفوق بشكل نزيه ومستحق في المدرسة والإعدادية والثانوية والجامعة ،فماذا يمكن للمرء أن يقول عند الحديث عن المجالات والقطاعات الأخرى الاقتصادية والاجتماعية بصفة خاصة؟ فحينما تكون نتائج التقويم التربوي غير مستحقة ولا تعكس المستوى العلمي والمعرفي الحقيقي للمترشحة والمترشح ،فكيف ستصير هذه الاخيرة وهذا الأخير حينما سيتحمل مسؤولية تسيير مرفق عمومي او تدبير شأن عام ؟ فمن المسؤول عن كل هذا ؟

ان الأسباب كثيرة ومتنوعة ، لكن رغم كل ذلك يجب ان نتحلى بالشجاعة في قول الحقيقة حتى لو كان أحد منا -كفاعلين تربويين -يتحمل قسطا من المسؤولية في وجود وتكريس الغش داخل الوسط المدرسي .صحيح ان للتربية الأسرية والاجتماعية دور كبير في حضور ثقافة الغش و التدليس والتحايل والتزوير لدى الناشئة وأن الطفل يأخذ ما هو سلبي من الراشدات والراشدين وهم أيضا ضحايا لتربية سابقة وبذلك تستمر عملية إنتاج وإعادة إنتاج نفس المواقف والسلوكات الغير النبيلة والشريفة وكأننا أمام مرض مزمن يصعب التخلص منه . ان العلم والمعرفة بدون قيم اخلاقية لا تساوي شيئا ،ان التربية على الصدق و النزاهة والاجتهاد والواجب والتربية على احترام القوانين المنظمة .كل هذا يبدأ من الطفولة المبكرة وعبر جميع المراحل الدراسية .ان الدور هنا للبرامج والمقررات الدراسية التي من المفروض أن تعمل على بناء الإنسان أخلاقيا وعلميا ولكن مع تكوين وتأهيل وتأطير من سيعمل على تنزيل التنشئة التربوية والاجتماعية المنشودة .الامر يتعلق بالمربي قبل ان يكون مدرسا او أستاذا او مديرا او مفتشا او مؤطرا او مكونا .

خلاصة :

ان المدرسة هي قاطرة المجتمع وأن تقدم هذا الأخير رهين بما ستقدمه المناهج والبرامج التربوية للناشئة من أخلاق وعلوم ومعارف وأن الغش كيف ما كان نوعه و شكله تبدأ محاربته منذ الصغر .إذا كنا نحب بلادنا فيجب أن نفكر في الأجيال التي ستحمل المشعل في المستقبل فإذا ضاعت بعض الاجيال فلا يجب ان نستمر في ضياع اوتضييع القادمة منها .ان التاريخ لا يرحم…

الاخبار العاجلة