بورتريه… ايقونة الأدب و الثقافة عبد الكريم عباسي و محطات هامة من حياته ابن مدينة القصيبة

27 ديسمبر 2017
بورتريه… ايقونة الأدب و الثقافة عبد الكريم عباسي و محطات هامة من حياته ابن مدينة القصيبة

القصيبة / لحسن بلقاس

 

 

يعد الكاتب و الأديب عبد الكريم عباسي من بين أهم الأقلام الأدبية و الثقافية التي أنجبتها جهة بني ملال خنيفرة إن لم نقل في المغرب عموما. فرواياته تمنح صوتا إبداعيا تجاوز مداه الجهة إلى باقي مناطق المغرب، والتي اكسبته ذوقا أدبيا راقيا خصوصا روايته الأخيرة التي عنونها بـ “ملاذ الوهم والتيه” التي قدم لها الدكتور أحمد أباش. والتي أصبحت محط اهتمام العديد من النقاد والدارسين وطلبة اللغة العربية في الجامعات المغربية.

نبدة من حياة الروائي عبد الكريم عباسي

ولد عبد الكريم عباسي سنة 1965 بجوهرة الأطلس المتوسط مدينة القصيبة، التي عانت من الإستعمار الفرنسي لمدة من الزمن حيث أعطت دروسا في المقاومة الشرسة للفرنسيين، و كان والده يعمل في أعمال تجارية بمدينة القصيبة و القرى المجاورة. و هكذا تدرج عبد الكريم عباسي عبر مدارس المدينة، حيث انتقل بين مدارس : مدرسة سيدي محمد ويوسف، مدرسة الأولاد (المدرسة الشرقية حاليا)، ومدرسة البنات (المدرسة أم المؤمنين حاليا)، ودرس الإعدادي والثانوي بإعدادية موحى وسعيد بذات المدينة، ليتم دراسته بمدينة الفوسفاط خريبكة حيث حصل فيها على الباكالوريا في ثانوية ابن ياسين التأهيلية، و التحق بمركز تكوين المعلمين ببني ملال، بعدما قرر أن يلج مهنة التعليم ليضمن وفق تعبيره الاستقرار والاستقلال المادي.

و التحق في سنة 2007 بالتدريس بمركز تكوين الأساتذة لتدريس اللغة الأمازيغية بمدينة خريبكة، بعدما خضع لتكوينات أكاديمية في سطات، وفي المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بالرباط. وكان له المام بالموسقى إلى جانب العلم و المعرفة، حيث حصل على ديبلوم في الموسيقى العربية من معهد التراث العربي الموسيقي بمدينة حلب السورية تحت إشراف الأستاذ الكبير المرحوم عبد الرحمن الجبقجي، اختصاص آلة العود.

البدايات الأولى لإرهصات القصة

و بدأت بوادر القصة تظهر عليه منذ صغره، حيث كان وفق ما رواه لنا شغوفا باقتناء القصص والكتب، وكان يقصد السوق الأسبوعي ما أن يجمع ثمن كتاب من أسرته، و يقول عبد الكريم عباسي عن ذلك :” فقد كنت أجمع النقود، طيلة الأسبوع من أسرتي لأكون أول من يحل باكرا بالسوق الأسبوعي لشراء كتاب ما من الكتبي آنذاك المعروف بـ ” الكريفي ” يأتي من قصبة تادلة ويفرش الكتب ليبيعها في السوق “، ويضيف الروائي العباسي :” و كنت كثير القراءة منذ صغري فطالعت لرواد الفكر والأدب كطه حسين والمنفلوطي وجبران وسلامة موسى وعباس محمود العقاد وغيرهم “. إضافة إلى الرواد والمفكرين الغربيين كميشال بيكولي، وألبير كامي، وفكتور هيكو. وفولتير… وغيرهم من الكتاب العالميين من جيل تشيخوف، وإرنيست همنكواي، وكارسيا ماركيز، وجورج إورويل.
وحاليا رواد الرواية الحديثة كالياباني “كزانتازاكي”، و”هاروكي موراكامي” و”كازو إيشيكورو” الحاصل هذه السنة على جائزة نوبل للآداب.

الروائي و بداية تأسيس مكتبته الخاصة و منتوجه الأدبي و الثقافي

أسس عبد الكريم عباسي مكتبته الخاصة عند بداية أولى كتاباته التي تعود إلى سنة 2014 استهلها بإصداره لقصة “المصيدة” في جزئين، و بعدها قصص للأطفال سنة 2015، ليخرج بعد ذلك روايته الأولى إلى حيز الوجود تحت عنوان ” ملاذ الوهم و التيه ” وذلك سنة 2016، كما أضاف في سنة 2017 إصدار قصة مصورة بالعربية والأمازيغية بحرف تيفيناغ تحت عنوان “كنز الغابة” للإطفال تزامنا مع دورة ” الكوب 22 ” للبيئة، و له ترجمات للأمازيغية حيث قام بترجمة مجموعة “السوق اليومي” إلى “أكداز أوسان” بالأمازيغية سنة 2017 و له أعمال موسيقية و أعمال أخرى ..

عبد الكريم عباسي بين الطموح و الإبداع و الإكراهات

و قد حاز الكاتب عبد الكريم عباسي على عدد من الجوائز الجهوية والوطنية، منها جائزتين جهويتين لأحسن اختراع في المجالين العلمي والتقني على التوالي في سنتي 2007 و 2008 منحتا له من طرف أكاديمية جهة الشاوية ورديغة، ثم جائزة الإستحقاق الوطني لأطر التربية و التكوين عن سنة 2010 منحت له من طرف وزارة التربية الوطنية. ثم الجائزة الوطنية للثقافة الأمازيغية سنة 2010 منحت له من طرف المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. هذا وقد حظي بعدة تكريمات عن أعماله الأدبية و الفكرية والتربوية من طرف عدد من الجمعيات والمنتديات والمؤسسات العمومية والخاصة، منها تكريمه من طرف جمعية حياتنا للتنمية البشرية بالقصيبة، وتكريم من طرف نادي الصحافة للثقافة والتنمية بخريبكة، وتكريم من طرف المجلس الجماعي للقصيبة وجمعية بئر الوطن بالقصيبة، وتكريم من طرف جمعية البحث و التبادل الثقافي بخريبكة، و تكريم من طرف ثانوية طارق بن زياد التأهيلية بمدينة القصيبة.
وعن ذلك قال الروائي عبد الكريم :” الجوائز هي التي كانت محفزة لي حيث حصلت عليها قبل أن أكتب أي مؤلف، وقد كانت حول ملفي البيداغوجي ومثابرتي واجتهادي في تجديدي العملي في ميدان التربية والتكوين، وفي مساهماتي في نشر اللغة الأمازيغية وتعليمها سواء عبر المؤسسات العمومية أو ضمن الجمعيات أو في محاربة الأمية في الأمازيغية، وفي الإبداع في ميدان التدريس خصوصا في المعلوميات التربوية، وكذا في مشاركاتي المتعددة في التكوينات من أجل الرفع من جودة التربية والتكوين”.

و كأي مبدع متوهج وصاعد صعود الجبال في مسالك التنوير المعرفي والفكري، اصطدم عبد الكريم عباسي بإكراهات وعوائق في انتاجات جديدة له قال عنها :” الإكراهات عامة كجميع المبدعين والكتاب في المغرب، فهي تكمن في مسألة الدعم والنشر والتوزيع، بحيث أن الكتاب يواجهون صعوبات تعرقل مشاريعهم الثقافية، فالتمويل الشخصي يعد مغامرة تستنزف جيوب الكتاب في ظل تراجع القراءة من جهة، ومشكل الدعم الخاص بالكتاب ( خصوصا هذه السنة )، أما المرور عن طريق دور النشر والتوزيع فهناك شروط تعجيزية في بعض الأحيان من طرف البعض منهم، ومشكل التوزيع يتطلب أحيانا ضمانات ليست في استطاعة المبدعين “. وجدير بالإشارة أن هذه الإكراهات تحد من نشر الثقافة و الإبداع وتنعكس سلبا على المردودية الثقافية في بلادنا.

 

الاخبار العاجلة