محمد العبدوني
“أولاد اكواوش” صورة صارخة لعمق الأزمة التي تضرب الخدمات الصحية في بلادنا، فبينما يتصاعد النقاش العمومي حول تدني جودة هذه الخدمات، تعيش هذه الجماعة حالة من العدم الصحي المطلق، وقصص من الخذلان الإنساني.
المنشأة الصحية الوحيدة في هذه الجماعة، هي مجرد مبنى يروي قصة الغياب، مستوصف يحمل الاسم ولا يحمل الروح، والمواطنون يواجهون حقيقة قاسية، احتياجات صحية يومية ومستمرة، تقابلها زيارات أسبوعية للطبيب، زيارة أشبه بـ “الغُربة” في الزمان والمكان، لا تلتقط أنفاس الحالات الطارئة، ولا تستوعب حجم المرضى المترقبين، و مع هذا التقطيع الزمني للرعاية، يتحول حق العلاج إلى حظ عابر قد لا يُكتب لمن هو في أمس الحاجة إليه.
تتفاقم المأساة مع تعقد سبل الوصول إلى العلاج البديل، فالمرضى، وخصوصًا النساء الحوامل اللواتي يواجهن مخاطر الولادة، يُجبرون على خوض رحلات تنقل صعبة ومُكلفة.
وفي قلب هذه المعاناة، يبرز غياب العنصر الحاسم،” سيارة الإسعاف”، التي من المفترض أن تكون شريان النجاة، يصعب توفرها أو هي لا تتوفر في الأوقات التي يكون فيها “الفصل بين الحياة والموت” لحظيّاً.
باختصار شديد، لقد أصبح التنقل لطلب العلاج امتحاناً قاسياً، غالباً ما يفشل فيه الفقراء داخل تراب الجماعة، ولعل ما يحدث في “أولاد اكواوش” ليس مجرد قصور إداري، بل هو تقتيل بطيء لحق المواطن في العيش الكريم، لذا، يرفع السكان صوتهم مناشدين بقوة الحقيقة، موجهين النداء إلى المسؤولين الإقليميين والجهويين بينهم عامل الاقليم ورئيس الجهة، الذين يقع على عاتقهم التدارك العاجل للخلل، وإلى وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بشكل مباشر، من أجل وضع خطة عمل فورية، لتأهيل المستوصف الجماعي وإمداده بـ طبيب دائم وطاقم تمريضي كافٍ.
