حميد الخلوقي
لا يمكن لأي كان أن يلوم ساكنة بني ملال على عدم مشاركتها في الوقفة الاحتجاجية التي كان مقررا تنظيمها صباح اليوم الأحد أمام المستشفى الجهوي ببني ملال، فالأسباب التي دفعت الساكنة إلى التزام منازلها كانت وجيهة ومقنعة، وتكشف في عمقها عن غياب تأطير حقيقي وواضح لمثل هذه المبادرات.
أولا، لا يمكن تجاهل قرار السلطات المحلية التي منعت هذه الوقفة ونبهت إلى أن المشاركة فيها قد تعرض أصحابها للمساءلة القانونية، وهو ما جعل العديد من المواطنين يتريثون ويتفادون المخاطرة، خاصة في ظل التوضيح الصريح بأن أي خرق للقانون قد يترتب عنه عواقب غير مرغوب فيها.
ثانيا، عاشت الساكنة حالة ارتباك نتيجة الدعوات المتناقضة التي غزت مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ظهرت منشورات تدعو للاحتجاج يوم 21 شتنبر، وأخرى حددت تاريخ 27 أو 28، فيما ذهبت بعض الدعوات إلى مطلع أكتوبر، و هذا التضارب أفقد الدعوة مصداقيتها، وجعل المواطن البسيط في حيرة من أمره حول الجهة الحقيقية التي تقف وراءها.
ثالثا، بعد صدور قرار المنع الرسمي، انتشرت دعوات مضادة تدعو إلى تأجيل الوقفة ورفض الخروج، وهو ما زاد من تعقيد الموقف وأضعف الحماس الجماعي للمشاركة، خاصة في غياب تنسيق واضح أو قيادة مسؤولة.
لكن الأهم من كل هذا، أن ما جرى يبرز الدور المحوري الذي من المفترض أن تلعبه الجمعيات المدنية والحقوقية والنقابات والهيئات السياسية في تأطير مثل هذه المحطات النضالية، فالمواطنون، مهما بلغت غيرتهم على مدينتهم وحقهم في الصحة والكرامة، يحتاجون إلى من ينظم خطواتهم ويدافع عنهم في إطار قانوني واضح.
وهكذا فساكنة بني ملال لم تتقاعس ولم تتخاذل، بل وجدت نفسها أمام ظروف موضوعية حالت دون خروجها الجماعي، واللوم لا يجب أن يوجه إليها، بقدر ما يجب أن يوجه إلى غياب التأطير المنظم، وإلى تضارب الدعوات العشوائية التي أربكت الرأي العام المحلي.
وفي النهاية، ومهما وقع، تبقى مطالب الساكنة عادلة ومشروعة، ويظل الحق في الصحة والاحتجاج مكفولا دستوريا، لكن في إطار احترام القانون وضمان وضوح الجهة الداعية والمسؤولة عن التأطير.