متى نحترم ممرات الراجلين بالمغرب… بني ملال نموذجا!

هيئة التحرير17 سبتمبر 2025
متى نحترم ممرات الراجلين بالمغرب… بني ملال نموذجا!

محمد مبروك

رغم أن مدونة السير في المغرب تمنح أولوية العبور للراجلين في الممرات الخاصة بهم، إلا أن الواقع اليومي في شوارعنا يعكس صورة مقلقة: كثير من السائقين لا يتوقفون عند هذه الممرات، بل يتسابقون مع الراجلين، وكأن الأمر يتعلق بمبارزة على الطريق، لا بحق مشروع يكفله القانون.

هذا السلوك يطرح تساؤلات عميقة: هل نحن أمام ثقافة عامة تسود بين السائقين أم مجرد تصرفات طائشة تعكس غياب الوعي والمسؤولية؟

من المؤكد أن جزءا كبيرا من الظاهرة يرتبط بثقافة السير في بلادنا، حيث لا يُنظر إلى ممر الراجلين كرمز حضاري يضمن سلامة الإنسان، بقدر ما يعتبر عرقلة محتملة لحركة العربات، أضف إلى ذلك ضعف التربية المرورية في المدارس، وغياب الحملات التوعوية المستمرة التي من شأنها أن تزرع في النفوس قيمة احترام الطريق والآخر.

لكن في المقابل، لا يمكن إغفال الجانب القانوني، فمدونة السير واضحة، والعقوبات موجودة، غير أن إشكالية التطبيق تبقى مطروحة، فقلة المراقبة وزجر المخالفات يجعل الكثير من السائقين يتصرفون وكأنهم في مأمن من أي متابعة.

والأغرب من ذلك أن بعض أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، الذين اعتادوا على احترام قانون السير في بلدان المهجر بشكل صارم، ينزلقون هم أيضا في مستنقع الفوضى المرورية بمجرد عودتهم إلى أرض الوطن. فبينما يقفون عند ممرات الراجلين في شوارع باريس أو بروكسيل دون تردد، نجدهم في شوارع الدار البيضاء أو بني ملال يتجاهلون القاعدة نفسها، وكأن احترام القانون هناك مجرد التزام ظرفي لا عن قناعة.

هذا التناقض يفضح أن المشكل ليس في القوانين نفسها، بل في علاقتنا بها، فحين تكون المراقبة صارمة والردع حازم، يلتزم الجميع، وحين يغيب الصرامة والوعي الجماعي، يتحول احترام القوانين إلى خيار شخصي يخضع للأمزجة، وهو ما يؤكد أن القضية أعمق من مجرد خطأ فردي، إنها أزمة ثقافة مدنية تحتاج إلى إعادة بناء من جذورها.

إن احترام ممرات الراجلين ليس مسألة قانون فقط، بل هو انعكاس لمدى احترام المجتمع لحقوق أفراده، ولثقافة تُعلي من قيمة الحياة البشرية فوق كل اعتبار، فحين يتوقف السائق طوعا قبل أن يُفرض عليه ذلك، وحين يدرك أن التنازل عن ثوانٍ من وقته قد ينقذ روحا بريئة، آنذاك فقط يمكن القول إننا انتقلنا من منطق الخوف من العقوبة إلى منطق الوعي الحضاري.

ويبقى السؤال المطروح: متى يصبح التوقف عند ممر الراجلين في المغرب سلوكا عاديا، تلقائيا، يعكس مستوى حضاري يليق بمواطن يحترم نفسه قبل أن يحترم الآخرين؟

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة