تاكسي نيوز // مولاي محمد الوافي
في أي منطق أعوج تدار سياسة التشغيل في المغرب؟ كيف يعقل أن يقصى حاملو الشواهد العليا بمجرد بلوغهم 45 سنة وكأنهم صاروا من بقايا التاريخ “مدة صلاحية أصحاب الشواهد هي 45 سنة”؟ أي عبث هذا الذي يجعل من مواطن بكامل صحته وكفاءته رهينة قرارات عمياء تسد أمامه كل أبواب التوظيف النظامي، وتدفعه إلى مذلة العقود الهشة أو إلى التوسل لرخصة استثنائية من رئيس الحكومة لا ينالها إلا من كان محسوبا على “المحظوظين”؟
إنها سياسة خرقاء، ظالمة ومهينة، تحول العقول إلى عالة على المجتمع وتدفع بالكفاءات إلى الهامش.
والمفارقة ان الدولة التي تحدد سن التوظيف في 45 سنة، وسن التقاعد في 63 سنة، وتمنح التمديد للمسؤولين حتى 67 سنة وأكثر، هي نفسها التي تعتبر حامل شهادة عليا “شيخا” غير صالح للعمل عند 45، فهذا قمة التناقض! قمة الاحتقار! أي دولة هذه التي تقتل أبناءها في عز عطائهم وتترك الكراسي يورثها سياسيون شاخوا فوق الثمانين ومازالوا متشبثين بالسلطة كالطفيليات؟
أين الحديث عن “الرأسمال البشري”؟ أين الخطب الرنانة حول “تشغيل الشباب” و”محاربة البطالة”؟ كلها شعارات جوفاء تتبخر عند أول اصطدام بواقع مرير: سياسة ممنهجة لتهميش الكفاءات، وإقصاء بدم بارد لكل من تجاوز عتبة السن اللعينة.
والغريب أنه حتى المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي كان يفترض أن تكون متنفسا للمعطلين، أفرغت من مضمونها وصارت هي الأخرى أداة للتمييز والإقصاء.
إنها جريمة في حق آلاف الأطر، جريمة سياسية وأخلاقية واقتصادية، فبدل أن تستثمر الدولة في طاقاتها، تقوم بذبحها بقرارات جائرة، فأي منطق هذا الذي يحرم الوطن من كفاءاته؟ وأي حكمة هذه التي تفضل أن ترى أبناءها يذوبون في البطالة والتهميش بينما تتزين واجهة السلطة بشيوخ متكلسين لا يربطهم بالواقع إلا الكرسي؟
إلى متى سيظل حامل الشهادة العليا في المغرب يهان ويعامل كعبء بعد 45 سنة؟ إلى متى سيبقى رهينة لسياسة تشغيل عمياء لا ترى إلا بالأرقام والسن، بينما تتجاهل الكفاءة والعطاء؟