حميد الخلوقي
في خطوة وصفت بأنها تكشف عن سياسة الكيل بمكيالين والسكيزوفرينية في الممارسة السياسية، أعلن وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار السابق، عبد اللطيف ميراوي، عودته إلى التدريس بجامعة التكنولوجيا في بلفور-مونبليار الفرنسية، بعيداً عن الوطن الذي كان يحث أبناءه من الأطباء والطلبة على عدم مغادرته.
فالرجل الذي رفع لواء “محاربة هجرة الأطباء” وفرض إصلاحا مثيرا للجدل كلف الطلبة سنة كاملة من مسارهم الجامعي، لم يتردد في شد الرحال نحو الضفة الأخرى ليستأنف نشاطه الأكاديمي في أحضان الجامعات الأوروبية،وهو ما اعتبره العديد من المتتبعين تجسيدا صارخا لمعادلة “حلال على الوزير، حرام على أبناء الشعب”.
لقد ظل ميراوي، طيلة فترة توليه الوزارة، يوجه خطابات مشددة ضد نزيف الكفاءات الطبية المغربية نحو الخارج، مبرراً قراراته بضرورة خدمة الوطن أولا، لكن ما لبث أن وقع في فخ تناقضاته، فبين خطاب وطني متشدد وواقع شخصي مغاير، تتجلى سكيزوفرينية المسؤول السياسي الذي يفرض على غيره ما لا يلتزم به لنفسه.
هذه العودة إلى التدريس بالخارج لم تمر مرور الكرام، إذ اعتبرها المنتقدون “طعنة” في مصداقية خطاب الوزير السابق، ودليلا جديدا على أن بعض المسؤولين يرفعون شعارات وطنية للاستهلاك السياسي، بينما يختارون هم شخصيا العيش والعمل في مؤسسات أجنبية، حيث الاعتراف الدولي والامتيازات التي يفتقدها أبناء الشعب داخل الوطن.
إنها قصة أخرى من قصص الكيل بمكيالين، حيث يحرم الطلبة المغاربة من حقهم في استكمال تكوينهم دون عراقيل، بينما يفتح الوزير السابق لنفسه أبواب الجامعات الأوروبية على مصراعيها، غير آبه بما تركه من جدل واحتقان داخل الجامعات المغربية، مستفيدا من تقاعد مريح وامتيازات حاتمية مغربية سوف يعيش بها طيلة حياته…