في لحظة تلفزيونية نادرة، وبين جدران قبة البرلمان، رفع البرلماني المكاوي صوته واتهم منتخبي جماعة بني ملال باتهامات أقل ما يقال عنها إنها “مدوية”، كأننا أمام مشهد من برنامج تحقيقات أكثر منه جلسة تشريعية.
لكن المثير ليس ما قيل، بل ما لم يُقل!
فعلى غير العادة، صمت المنتخبون صمتا مريبا، كأن على رؤوسهم “صفقات”، أو كأن الصوت انقطع فجأة من “الميكروفون الديمقراطي”.
وزير الداخلية نفسه رفض الاتهامات، بل رد بهدوء دبلوماسي: رفضها وتوعد بإرسال لجن تفتيش وطوى الملف”.
لكن الملف ظل مفتوحا في أذهان الصحافيين والمواطنين الذين لا يملكون رفاهية الصمت، ولا كراسي مريحة للجلوس عليها في المجالس.
ووسط كل هذا، يطرح الرأي العام سؤالا بسيطا وساخرا:
ماذا لو كان صحافي من أطلق نفس الاتهامات؟
هل كانوا سيصمتون هكذا أيضا؟
أم كنا سنرى سيلا من الشكايات والمحامين والبلاغات التي تبدأ بعبارة “نستنكر بشدة”، وتنتهي في ردهات المحاكم بجلسات مطولة عن “السمعة والشرف”؟
نحن نعرف الجواب…
نعرف كيف يصبح القلم “خطرا على السلم”، وكيف تتحول تغريدة بسيطة إلى “تشهير مقصود”، وكيف يطلب من الصحافي أن يثبت ما قال، بينما يعفى السياسي من إثبات أي شيء، فقط لأن المنبر برلماني والتوقيت انتخابي.
منتخبو بني ملال ( البعض) الذين طالما رفعوا شعار “لن نسكت عن التشهير”، اختاروا هذه المرة أن يلوذوا إلى الصمت… بل أن يذوبوا في الكراسي.
ربما لم تكن الاتهامات مؤلمة بما يكفي، أو ربما كانوا يظنون أن الصمت أنجى لهم من التفسير!
أما المواطن؟
فهو كعادته، يكتفي بالمشاهدة، ويضحك ساخرا: “البرلماني يتهم، والوزير يرفض، والمنتخبون يلتزمون بالصمت -حتى الآن-… والصحافي؟ يكتب ليخلد السخرية!”
في جماعة بني ملال، السياسة فن الصمت… بشرط ألا يكون الصحافي هو من يتكلم!