رضوان عريف// صورة تعبيرية من الأرشيف
في الوقت الذي تكافح فيه المدن العصرية لبناء فضاءات الراحة، والساحات الآمنة، والمرافق النفسية المتخصصة، تتحول بني ملال، بصمت مريب، إلى ما يشبه مستشفى عقلي مفتوح بلا أسوار، وبلا رقابة، وبلا ضمير!.
في كل زاوية من زوايا المدينة، في الأسواق، في الحدائق، في محطات الطاكسيات، وحتى أمام الإدارات…
تصادف وجوها غريبة، أعينا زائغة، أجسادا تهيم بلا هدف، أشخاصا مختلين عقليا، لا تعرف من أين جاءوا، لكنهم أصبحوا فجأة جزءا من المشهد العام.
والأخطر؟ أن عددا منهم يتم ترحيله خلسة من مدن أخرى نحو بني ملال، وكأنها مكب لليأس البشري، أو ملجأ إجباري لإختلالات المجتمع!.
من سمح بهذا؟
من يسكت عن هذا العبث؟
من جعل مدينة الماء والعيون، تتحوّل إلى مسرح للتجارب النفسية بلا أبواب ولا ملفات طبية؟!
الساكنة تعاني بصمت.
النساء يخشين السير لوحدهن.
الأطفال يهربون من الحدائق.
الزوار يفاجؤون بمشاهد تقشعر لها الأبدان.
حالات من الهيجان، الصراخ، الرمي بالحجارة، وحتى الإعتداء أحيانا… كل هذا يجري بينما المسؤولون “يشاهدون فقط”.
بني ملال اليوم لا تحتاج زينة خارجية، بل صرخة داخلية… صرخة العقل قبل الجمال، وكرامة الإنسان قبل رواج السياحة.
نعم، المرض النفسي ليس عيبا، والمختلون العقليون لهم الحق في الرعاية والكرامة،
لكن أن يتركوا هائمين في الشوارع، بلا مأوى، بلا علاج، بلا رقابة،
فذلك ليس رحمة!
بني ملال ليست ساحة تفريغ.
وليست محطة عبور للمهمّشين.
هي مدينة، وللمدن هيبة، وللساكنة حق في الطمأنينة.