رضوان عريف
في مدينة تعرف بوفرة المياه، لا يجد أبناء الأحياء الهامشية قطرة فرح…!
فبني ملال، التي طالما تغنينا بعيونها المتدفقة، تحولت اليوم إلى صيف قاس، لا مسبح فيه ولا متنفس، فقط شمس حارقة وأجساد صغيرة تفر من ضيق الحي إلى مجاري السقي، أو تتسلل نحو السواقي لتصنع من المستحيل “مسبحا شعبيا” تحت الخطر.
في مقابل هذا المشهد المؤلم، يصرف المال العام بسخاء على مدارة طرقية (رونبوان) عند مدخل المدينة، لتزيين البوابة بـ”مشروع جمالي” لا علاقة له بالحاجيات الحقيقية للساكنة، والكل يعلم، في صمت، أن ثمن تلك المدارة وحده يكفي لبناء مسبح عمومي لائق يفرح آلاف الأطفال ويوفر لهم بيئة آمنة للسباحة.
فهل نحن بحاجة إلى صور جميلة عند مدخل المدينة، أم إلى مشاريع حقيقية في عمقها؟
هل الرونبوان أهم من الطفل الذي يسبح في الساقية؟ وهل التزيين أولى من الكرامة؟
المسابح الخاصة فتحت أبوابها… لا للفقراء، بل لمن يملكون القدرة على الدفع: 50 درهما، 70 درهما، أو أكثر… أما أطفال الأحياء الشعبية، فهم غرباء في مدينتهم، يبحثون عن لحظة ماء، فينتهي بهم الأمر في المجاري، أو ضيوفا على حوادث الغرق.
أين المجلس الجماعي؟ أين المسؤولون؟ أين وعود السنوات الماضية؟ كم من مشروع “للواجهة” نفذ، وكم من حاجة ضرورية تم تجاهلها؟ فالمسبح البلدي ليس رفاهية، بل حق من حقوق الطفولة، ووسيلة لحمايتهم من الخطر.
لقد آن الأوان أن نراجع الأولويات…. فالرونبوان لا يبرد أجساد الأطفال، ولا ينقذهم من الغرق.
بني ملال لا تحتاج المزيد من الزينة، بل تحتاج شيئا بسيطا جدا: كرامة في شكل مسبح.
