محمد العبدوني
في مشهد يثير الكثير من علامات الاستفهام، انطلقت فعاليات مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة وسط أجواء احتفالية، وبحضور عدد من الشخصيات الرسمية والمدنية، في وقت تعيش فيه المدينة واحدة من أكثر أزماتها حدة على مستوى التزود بالماء الصالح للشرب.
ورغم الشكاوى المتكررة التي رفعتها جمعيات المجتمع المدني، والتي حذرت من الوضع المقلق الذي تعيشه أحياء المدينة بسبب الانقطاعات المتكررة للماء، جاء المهرجان وكأنه خارج السياق، حيث صرفت عليه ميزانية ضخمة ساهمت فيها مؤسسات كبرى على رأسها المكتب الشريف للفوسفاط، ما أثار استياء شريحة واسعة من المواطنين الذين يرون في هذا الدعم نوعا من العبث بأولويات الإقليم.
“من غير المعقول”، تقول فاعلة جمعوية، “أن تنفق الملايين على مهرجان لا ينعكس بأي شكل إيجابي على واقع الساكنة، في حين تئن خريبكة تحت وطأة العطش، والمنازل تقضي ساعات طويلة دون قطرة ماء”.
واللافت أن هذا الحدث الثقافي، الذي من المفترض أن يكون مناسبة للفرح والتقارب الثقافي، تحول إلى مناسبة لتعميق الشعور بالغبن والتهميش لدى الساكنة، التي لم تر من المهرجان سوى لافتاته وضيوفه، بينما بقيت أزماتها الحقيقية بدون حلول.
فهل يعقل أن يمول مهرجان بهذه الضخامة، بينما الأحياء الشعبية لا تجد قطرة ماء، و أليس من الأجدى توجيه جزء من تلك الاعتمادات لإصلاح شبكة التزود بالماء أو إحداث مشاريع لضمان الأمن المائي بالإقليم؟
إن خريبكة اليوم، لا تحتاج إلى المزيد من التلميع، بل إلى قرارات شجاعة تعيد الاعتبار للإنسان، وتقدم حاجاته الأساسية على أجندات الترف الثقافي الموسمي.