علم “الطُّوطُولوجْيا” الجديد !

19 أكتوبر 2022
علم “الطُّوطُولوجْيا” الجديد !
جمال مايس

 

تطوَّرت العلوم مع تطور الإنسان عبر الزمن، وكان أجدادنا الأوائل يعملون جاهدين لتطوير حياتهم على مر العصور، منذ العصر الحجري القديم الذي ظهر فيه الإنسان وطوَّر حياته واكتشف النار، واللباس وادوات الصيد، إلى العصر الحجري الحديث الذي انتقل فيه من حياة الصيد والقطف والترحال إلى حياة الإنتاج والاستقرار، فظهرت حضارات قديمة قبل الميلاد في العراق ومصر والهند والصين ، واليونان وإيطاليا… وظهر معها عُلماء ومفكرون وفلاسفة من قبيل هيرودت وأفلاطون وسقراط وارسطو ، حاولوا نقل البشرية من عالَم الأسطورة إلى عالم العقل والمنطق. فكانت النتيجة تطور هذه الحضارات، وانتاج علوم الفلسفة والفيزياء والفلك والرياضيات والطب والفن… وظلت البشرية تتطور عصر بعد عصر، وكان اوج هذا التطور مع مجيء الإسلام الذي زاوج بين العلوم الدينية والدنيوية، وسطع نجم مجموعة من العلماء أمثال الفرابي وابن سينا وابن رشد وابن الهيثم وابن باجة والخوارزمي وابن الكثير وابن خلدون وغيرهم ، الذين اعتمدت النهضة الاوروبية على كتبهم وإبداعاتهم ، و صنعت حينها البواخر والقطارات واكتشفت المحركات البخارية والآلات الصناعية. وهكذا، بلغت العلوم أوجها ، خصوصا في القرنين 19 و 20 ، حيث مكَّنت البشرية من وسائل الحياة والاتصال والاقتصاد… ورأينا البواخر والطائرات العملاقة، والسيارات والقطارات الفائقة السرعة، والصواريخ والأقمار الصناعية…

 

لكن وللأسف، لم يكن أسلافنا يعتقدون انه سيأتي يوم بعد جائحة كورونا في القرن 21 ، ويظهر إلينا المغني العالِم “طوطو”، الذي سوف يُغير بِ”تَطْواطِه” النظريات والابتكارات والعلوم التي اكتشفها أجدادنا طيلة القرون السابقة ، حيث في ليلة واحدة فوق منصة الرباط بدعم من وزارة الثقافة، أعلن عالِم عصره “طوطو” عن ابتكاره لعلم جديد قد يكون أم العلوم ليس لكونه أفضل وأقوى من هذه العلوم أو متطور عنها ، لكن لكونه علم يستطيع إقبارها وتدمير عقول شبابها. نعم ، إنه علم “الطُّوطولوجْيا” ياسادة لمبدعه الرَّابور العالِم “طوطو”.

فهذا العلم، لا يحتاج سنوات من الاعتكاف كما اعتكف العلماء القدامى، ولايحتاج إلى تضحية كما وقع مع اسلافنا، ولايقوم على قواعد أو مناهج ومنهجية أو أبحاث علمية وعملية، لا يحتاج موافقة من لجان مثقفة … إنه علم “زنقاوي” مُبتكر وأكثر تطورا وفاعلية ،فعلم “الطوطولوجيا” لصاحبنا طوطو يحتاج فقط إلى قبعة “كاسكيط” ولحية، وضربة بحاجب في الجبين”الجبهة” لان هذه الأخيرة مهمة عند علماء الطوطولوجيا لكونها -الجبهة- تسهل عليهم تمرير رسائلهم الطوطولوجية دون إحراج ، في سهرات مباشرة أمام الاف بل ملايين المتفرجين من دافعي الضرائب . كما يحتاج أيضا علماء الطوطولوجيا ارتداء سلسلة في العنق، و “تويتلة” في الأذن او في اللسان، وخصوصا هذا الأخير، لأن الفم يرتكز عندهم على قاعدة علمية عامية تقول “اللسان مافيه عظم” ، إذْ يحمل لسان الطوطولوجيين مناهج وقواعد هذا العلم الطوطولوجي الذي يرتكز على “تخصار الهضرة” بكلمات القاف والزاء والحاء وما جاورها من كلمات علم الطوطولوجيا الجديد.

 

وإذا كان أسلافنا العلماء يحملون بين أناملهم اقلاماً تعينهم على تدوين نظرياتهم ، فإن صاحبنا طوطو يجعل من “الجعة” و “الجوان” الذي يباع في “الدُّورَة” آلية من آليات شرعنة الطوطولوجيا وتمييزها عن باقي العلوم ، لكونها جريئة ومتصالحة مع نفسها وتريد ان تتصالح مع المغاربة عبر تدمير أخلاقهم وقيمهم ومبادئهم التي حافظوا عليها منذ ما قبل الميلاد في عهود المماليك الامازيغية إلى غاية دخول الإسلام إلى المغرب واعتناق جل المغاربة له وبقائهم عليه إلى يومنا هذا.

 

ولا ننسى ان علوم اجدادنا اعتمدت على القلم والكتاب لحفظها ونشرها ، وعلى الصحافة في العصور الوسطى لتعميمها خصوصا مع اختراع المطبعة، إلا ان صاحبنا “طوطو” راهن على بعض وسائل الإعلام العمومية والخصوصية لنشر قيم علمه الطوطولوجي الذي ابتكر جنسا صحفيا جديدا خلال ندوته قد يتم تدريسه مستقبلا في مؤسساتنا الإعلامية والجامعية باسم النَّدوة “الطُّوطُوطِية” إلى جانب باقي الأجناس الصحفية من قبيل التقرير والتحقيق والمقابلة والحوار…

 

اااه لو أن علماءنا الأوائل علموا بعلم الطوطولوجيا، لتوقفوا حينها وأوقفوا ابحاثهم ونظرياتهم، وتركونا نرث معيشة الكهوف والصيد بالرماح والطهي على النار والغناء على إيقاع الأحجار…

الاخبار العاجلة