20 غشت ذكرى ثورة الملك والشعب… دُروس وعِبر ووفاء وتلاحُم وإخلاص

20 أغسطس 2022
20 غشت ذكرى ثورة الملك والشعب… دُروس وعِبر ووفاء وتلاحُم وإخلاص
محمد بنوي

تقديم

 

تحل اليوم السبت 20 غشت 2022 الذكرى 69 لثورة الملك والشعب ضد المستعمر الفرنسي، والتي عجلت برحيله وحصول المغرب على الاستقلال بشكل رسمي في 18 نونبر 1956 هذا الاستعمار الذي لم يدم سوى 43 سنة فقط. وذلك بفضل صمود العرش العلوي المجيد والتحامه مع شعبه الوفي بخلاف بلدان أخرى التي عاش فيها الاستعمار مدة طويلة فاقت قرن من الزمن في بعض الحالات.

فماذا حدث في ذلك التاريخ؟ وكيف كان رد فعل الشعب المغربي ؟ وماهي الدروس والعبر التي يحب ان نستخلصها من ذلك التلاحم الاستثنائي بين القيادة والقاعدة و الذي قل نظيره في التاريخ ؟

1-لابد أن نتذكر ماذا جرى

بعد تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال قي 11 يناير 1944 من طرف ثلة من الوطنيين الأحرار بتنسيق تام مع الملك المجاهد محمد الخامس طيب الله ثراه وامام صمود وتلاحم العرش والشعب وتزايد المقاومة الشعبية ضد المستعمر قامت الإدارة الاستعمارية بمحاولة كسر هذا الترابط الشديد بين الشعب المغربي وملكه(الذي سيبقى مستمرا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها) من خلال تلك الجريمة النكراء التي أقدم عليها في يوم الخميس 20 غشت 1953 الموافق لعيد الأضحى المبارك لعام 1372 هجرية،  بعد أن رفض رمز الأمة ظغوطات الإدارة العامة الفرسية يوم الأحد 13 غشت 1953 للتنازل عن الحقوق الوطنية، في خطوة لم يراعي فيها الكولونياليون ما تشكله هذه المناسبة الدينية من رمزية لدى المغاربة والمسلمين .وهكذا تم نفي رمز الأمة والأسرة العلوية الى جزيرة كورسيكا ومن تم الى المستعمرة الفرنسية مدغشقر بافريقيا في يوم السبت2 يناير 1954 الموافق ل27 ربيع الثاني1373 هجرية .

فماذا حدث بعد هذا المخطط الهمجي الذي نفذه المستعمر؟ ماذا كان رد فعل الشعب المغربي من خلال المقاومة المسلحة وجيش التحرير؟

لا يتسع هذا المقام لاستعراض كل الأعمال البطولية التي قام بها المغاربة الأحرار في تلك المرحلة المجيدة من كفاحهم من أجل التحرر والممتدة من 20 غشت 1953 الى 16 نونبر 1955 تاريخ عودة السلطان الشرعي الى عرشه وشعبه .

ورغم ذلك لابد من استحضار بعض العمليات الفدائية والمحطات النضالية عن تلك المرحلة التاريخية المشرقة ، حتى تطلع عليها الأجيال الحاضرة والقادمة لتتعرف على جزء من تاريخها الوطني المجيد وكيف وصل المغرب الى ما وصل إليه الآن من حرية وكرامة.

-11 يناير 1953: ومباشرة بعد 20 يوما من نفي السلطان الشرعي ومحاولة تنصيب الخائن الكبير محمد بن عرفة قام الشهيد علال بن عبدالله بمحاولة اغتيال هذا “السلطان” المزيف.

– 7 نونبر 1953 : تفجير قطار “كازا الجي”الذي كان يقل الجنود الفرنسين من طرف المقاومين ، بونعيلات ومنصور والسكوري .

-العمليات الفدائية التي قام بها “أسد تادلة” الشهيد احمد الحنصالي ضد عدد من المسؤولين الفرنسيين واعدامه رميا بالرصاص يوم الخميس 26 نونبر 1953(هذا الشهيد البطل لم يعرف قبره حتى الأن) .

-الخميس 24 دجنبر 1953:تفجير السوق المركزي بالدار البيضاء(Marché central)بقيادة المقاوم الشهيد محمد الزرقطوني .

-منذ نفي السلطان محمد الخامس رحمه الله وطيلة المدة التي قضاها والأسرة الملكية في المنفى (27 شهرا) اندلعت انتفاضات ومظاهرات في جميع أنحاء المغرب شمالا ووسطا ، شرقا وجنوبا ،في الجبال والسهول والهضاب والصحاري والمغارية يهتفون بصوت واحد”بن يوسف الى عرشه ،الاستعمار الى قبره”ولم يكن للإدارة الاستعمارية إلا الرضوخ للأمر الواقع والدخول في مفاوضات مباشرة مع السلطان محمد الخامس بداية من فاتح نونبر 1955.

– بعد أن تمت تنحية الخائن بن عرفة يوم الثلاثاء 23 غشت 1955 وفي يوم الأربعاء 16 نونبر “ظهر الحق وزهق الباطل” ورجع سليل الدولة العلوية الشريفة الى أرض الوطن حاملا معه بشرى الحرية والاستقلال .

 

-الأربعاء 7 دجنبر 1955 وجه بطل التحرير خطابا تاريخيا أثناء تشكيل أول حكومة مغربية مستقلة برئاسة السيد مبارك البكاي رحمه الله.

-18 نونبر 1956 تم الإعلان الرسمي لاستقلال المغرب والدخول في المفاوضات مع إسبانيا وانتهاء الوضع الدولي لمدينة طنجة وتحرير طرفاية بالجنوب يوم 15 أبريل 1958 لتستمر تورة الملك والشعب من أجل استكمال الوحدة الترابية وبناء مغرب موحد وقوي .

 

2-ماذا علينا أن نفعل في الزمن الحاضر

إن الوفاء لملوكنا الأبرار و لشهدائنا الأبطال الذين ضحوا بكل شيئ لكي ينعم المغارية اليوم بالحرية والكرامة والإخلاص لملكنا الهمام محمد السادس حفظه الله ولهذا الشعب العريق يقتضي من كل مسؤول(ة) ومواطن(ة) في مغرب اليوم العمل بكل جد وتفان . يجب أن نستحضر أرواح الآباء والاجداد الذين لم ينعموا بطفولتهم وشبابهم كما هو الشأن لأطفال وشباب اليوم(لقد اخذ السلطان محمد الخامس مشعل الدولة العلوية وهو في 18 من عمره كما أن جميع شهداء الحرية والاستقلال لم يتجاوز عمرهم 36 سنة) ليتركوا لنا العزة والكرامة
فمن واجبنا نحن الجيل الحالي أن نحمي تلك المبادئ التي حملها الأسلاف وناضلوا من أجلها ليحقق بلدهم التقدم المنشود .لقد ضحوا بأرواحهم لكي يصل المغرب الى ما وصل اليه الآن من استقلال واستقرار وأمن .ولايجب ان نخون العهد ونتخلى عن الأمانة ونتنكر للقسم الذي أداه الوطنيين الشرفاء والأحرار وهو خدمة العرش والشعب.

 

إن الوفاء لملكنا ولشهدائنا ولشعبنا يقتضي منا نحن مغاربة اليوم أن نعمل على خدمة بلدنا بالوطنية الصادقة اللازمة وبالمواطنة الحقة وان نحارب من يسيئ الى سمعة بلدنا في الداخل والخارج وان نحترم مقدساتنا ومؤسساتنا بكل نظمها وقوانينها وأن نتحلى بالسلوك المدني ونبتعد عن كل مظاهر الفساد من رشوة ونصب واحتيال وتزوير واستغلال للنفوذ وسرقةللمال العام والخاص ونهب للتروات الوطنية وخدمة الشان العام والمصلحة العامة.

خلاصة

إن تخليد ذكرى ثورة الملك والشعب وجميع الذكريات الوطنية الخالدة لهي فرصة لتأمل أوضاعنا واحوالنا الراهنة وأن نقدم النقد الذاتي اللازم والضروري عن اخطائنا وأعمالنا التي قد تسيئ بقصد او بغير قصد الى تلك المبادئ والأفكار التي كان يحملها رواد ثورة الملك والشعب، لتستمر هذه الثورة وهاجة وليبقى الوطن عاليا وشامخا كما يريده جميع المغاربة الأحرار والكرماء .

 

ملحوظة :على الرغم من أننا تحدثنا طيلة هذا المقال عن الوطنيين والمقاومين والشهداء بصيغة المذكر فان ذلك لايعني إغفال دور الفتاة والمرأة المغربية الحرة التي ناضلت بجابب أبيها وزوجها واخيها الرجل في سبيل الحرية والاستقلال .

الاخبار العاجلة