تَفاعُلََا مَعَ ما تَزْخَرُ بهِ السَّاحَةُ الْوَطنِيَّةُ منْ حَوادِثَ مُتفرِّقةٍ هُنا وهُناك، خاصَّةََ تلك الْمُتَعَلِّقَةِ بتَنامِي ظاهِرَةِ العُنْفِ بالْمُؤسَّساتِ التَّعليميَّةِ وتغْذيتِها منْ طرَفِ “صفحات فايسبوكية” ومَواقعَ إلكترونيَّةٍ مهْووسةٍ بِرفْعِ نسبة المشاهدة، قال الدكتور “عبدالفتاح شهيد”، أستاذ الأدب والنقد، إِنَّ وَقَائِعَ تَعْنِيفِ الْأُطُرِ التَّرْبَوِيَّةِ وَالْإِدَارِيَّةِ غَيْرُ جَدِيدَةٍ عَلَى مَدَارِسِنَا الْعُمُومِيَّةِ، مشيرا إلى أنه مَعَ مَطْلَعِ هَذَا الْقَرْن أصبح الجميع يسْمَعُ بَيْنَ الْحِينِ وَالْآخَرِ عَنْ حَوَادِثَ اعْتِدَاءٍ هُنَا وَهُنَاكَ، كَمَا صَارَت الْأَدَبِيَّاتُ التَّرْبَوِيَّةُ وَمَجْزُوءَاتُ التَّكْوِينِ تَتَحَدَّثُ كَثِيرًا عَنْ “ظَاهِرَةِ الْعُنْفِ الْمَدْرَسِيِّ” وَسُبُلِ تَجَاوُزِهَا.
عبدالفتاح شهيد أكَّدَ أَنَّ “مَوْجَةِ التَّعْنِيف” الْحَالِيَّة تَحَمِل مُسْتَجَدَّينَ أَسَاسِيّينَ يَجِبُ أَنْ يُؤْخَذَا بِعَيْنِ الِاعْتِبَارِ فِي أَيِّ تَحْلِيلٍ؛ الْأَوَّل هُوَ أَنَّ هَذِهِ الْحَوَادِثَ صَارَتْ مَادَّةً إِعْلَامِيَّةً خِصْبَة عَلَى صَفَحَاتِ مَوَاقِعِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ وَعَلَى أَرْصِفَةِ الْأنْتَرْنِيتِ فِي بَعْضِ الْمَوَاقِعِ الْإِلِكْتِرُونِيَّةِ الْمَهْوُوسَةِ بِنِسَبِ الْمُشَاهَدَةِ ، بَعِيدًا عَنْ أَخْلَاقِيَّاتِ الْمِهْنَةِ ، وَعَنْ وَاجِبِ الْحِفَاظِ عَلَى صُورَةِ الْمَنْظُومَةِ الْقِيمِيَّةِ لِلْمُجْتَمَعِ، فيما يتمثل الْمُسْتَجَدُّ الثَّانِي في كون وَقَائعَ التَّعْنِيفِ لَمْ تَعُدْ حِكْرًا عَلَى الثَّانَوِيَّاتِ في الْمُدُنِ الْكُبْرَى وَالأَحْيَاء الْهَامِشِيَّةِ، بَل امْتَدَّتْ إِلَى أَنْ وَصَلَتْ إِلَى الْمُدُنِ الَّتِي ظَلَّتْ إِلَى عَهْدٍ قَرِيبٍ “مَنَاطِقَ آمِنَةً”، وَالْأَحْيَاء الَّتِي مَا فَتِئَتْ تُوصَفُ بِأَنَّهَا هَادِئَةٌ.
مِنْ جِهَةٍ أخْرَى، وَبِالنَّظَرِ إِلَى مُعْطَى ” الْمُتَابَعَةِ الْإِعْلَامِيَّةِ ” لِمَا يَجْرِي، أَضافَ ذاتُ المُتَحدِّثِ أَنَّ افْتِقَادَ الْحِسِّ الْبِيدَاغُوجِيِّ لَدَى الْقَائِمِينَ عَلَى بَعْضِ الْمَوَاقِعِ الْإِلِكْتِرُونِيَّةِ وَلَدَى فِئَاتٍ كثيرةٍ من أَفْرَادِ مُجْتَمَعِ وَسَائِلَ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ ، وَتَوَالِي سَيْلِ الْفِيدْيُوهَاتِ وَالصُّوَرِ الْقَدِيمَةِ وَالْجَدِيدَةِ ، الْحَقِيقِيَّةِ وَالْمُفَبْرَكَةِ ، الْمُوَثَّقَة لِمَشَاهِدَ الْعُنْفِ وَرُدُودِ الْأَفْعَالِ الْمُخْتَلِفَةِ نَحْوَهُ ، وَفَتْحِ الْمَيْكُرُوفُونَاتِ أَمَامَ مُرَاهِقِينَ لَا يُدْرِكُونَ أَبْعَادَ وَحَيْثِيَّاتِ مَا يَتَفَوَّهُونَ بِهِ ، وَانْجِرَارِ بَعْضِ رِجَالِ التَّعْلِيمِ مِنْ الشَّبَابِ خُصُوصًا إِلَى هَذِهِ الْمَعَارِكِ الَّتِي تَعْرِفُهَا بَعْضُ الْمَوَاقِعِ الْإِلِكْتِرُونِيَّةِ وَمَوَاقِعَ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ؛ كُلُّ ذَلِكَ يَجْعَلُ أَمَلَنَا فِي تَجَاوُزِ الصَّدْمَةِ بَعِيدًا … وَفِي تَقْدِيرِ حَجْمِ الْمَخَاطِرِ ؛ فَمَا يَقَعُ لَهُ تَبِعَاتٌ وَأَبْعَادٌ بِيدَاغُوجِيَّةٌ وَمِهْنِيَّةٌ سِلْبِيَّة دُونَ شَكٍّ؛ وَالْمُتَضَرِّرُ الْأَوَّلُ وَالْأَخِيرُ مِنْهُ وَ الْمَدْرَسَة الْعُمُومِيَّةُ وَمُسْتَقْبَلُ الْبِلَادِ التَّرْبَوِيِّ وَالْقِيمِيِّ ، وَمَصْلَحَةُ الْمُتَعَلِّمَاتِ وَالْمُتَعَلِّمِينَ وَمِهْنَةَ التَّدْرِيسِ.
وحثَّ أستاذُ الأدَبِ والنَّقْدِ في تصريحه للجريدة الْجَمِيعَ عَلَى الْعَمَلِ كُلٌّ مِنْ مَوْقِعِهِ عَلَى مُحَاصَرَةِ ارْتِدَادَاتِ هَذِهِ الْعَاصِفَةِ، وَإِرْجَاعِ التَّوَازُنِ إِلَى الْمَدْرَسَةِ بِكُلِّ مُكَوِّنَاتِهَا، لِتَسْتَمِرَّ فِي أَدَاءِ أَدْوَارِهَا التَّنْوِيرِيَّةِ فِي تَكْوِينِ الْمُوَاطِنِ وَبِنَاءِ الْوَطَنِ. أَيُّهَا السَّادَةُ، إِنَّ تَرْمِيمَ الْعَلَاقَاتِ بَيْنَ مُخْتَلِفِ مُكَوِّنَاتِ الْمَدْرَسَةِ الْعُمُومِيَّةِ هُوَ الْحَلُّ لِتَجَاوُزِ مَا يَقَعُ، وَالْحَدِّ مِنْ مَخَاطِرَ مَا وَقَعَ. وَعَلَى الْجَمِيعِ أَنْ يَعِيَ أَنَّ فَشَلَ أَحَدِ الْأَطْرَافِ الْأَسَاسِيِّينَ فِي الْمَدْرَسَةِ الْعُمُومِيَّةِ، هُوَ فَشَلٌ لِلتَّعْلِيمِ الْعُمُومِيِّ فِي الْمَغْرِبِ، وَهُوَ فَشَلٌ كَذَلِكَ لِلْمَنْظُومَةِ الْقِيَمِيَّةِ الْوَطَنِيَّةِ، وَهُوَ وَضْعٌ لَا أَحَدَ يَرْبَحُ مِنْهُ، فِي وَطَنٍ تُعْتَبَرُ الْقِيَمُ أَغْلَى مُمْتَلَكَاتِهِ وَأَعَزُّ ثَرَوَاتِهِ.
ودَعا “عبدالفتاح شهيد” رجال التَّرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ لِتَجَنُّبِ مَزِيدٍ مِنْ الْمُفَاجَآتِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ وَسَائِلَ الِاتِّصَالِ وَالتَّوَاصُلِ الْحَدِيثَةِ وَالِانْخِرَاطَ غَيْرِ المعَقْلَن لِلْمُتَعَلِّمِينَ فِيهَا بِكُلِّ قُوَّةٍ، جَعَل الجميعَ أَمَامَ تَلَامِيذَ بِمُوَاصَفَاتٍ وَطَنِيَّةٍ أَوْ لِنَقُلْ كَوْنِيَّة، لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ تِلْمِيذٍ فِي الْبَادِيَةِ وَآخَر فِي الْحَاضِرَةِ، وَلَا بَيْنَ تِلْمِيذٍ فِي مَدِينَةٍ كُبْرَى وَأُخْرَى صُغْرَى، بلْ ولاَ بيْنَ تِلمِيذٍ فِي الابْتِدَائِي وآخَر فِي الثّانَوِي، مَا دَامَ جَمِيعُهُمْ أَعْضَاء فَاعِلِينَ فِي مُجْتَمَعٍ أَكْبَرَ، تَتَشَكَّلُ فِيهِ الْيَوْم الْكَثِيرُ مِنَ الْقِيَمِ، وَتُبْنَى مِنْ خِلَالِهِ الْعَدِيدُ مِنْ السّلُوكِيات؛ هُوَ مُجْتَمَعُ وَسَائِلَ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ.