بعد قتل تلميذ لزميله أمام المؤسسة التعليمية… تاكسي نيوز تُعيد نشر مذكرة مُهمة لوزير سابق للتعليم حول “تخليق الحياة المدرسية”

18 مايو 2021
بعد قتل تلميذ لزميله أمام المؤسسة التعليمية… تاكسي نيوز تُعيد نشر مذكرة مُهمة لوزير سابق للتعليم حول “تخليق الحياة المدرسية”
محمد بنوي : باحث في مجال التربية و المجتمع

على اثر الحادث الأليم الذي وقع أمس الإثنين 17 ماي 2021 أمام إحدى المؤسسات التعليمية بمدينة أسفي والذي أدى إلى مقتل أحد التلاميذ بسبب طعنة من زميل له بالسلاح الأبيض وبعد مراجعة أرشيف منظومتنا التربوية في موضوع “تخليق الحياة المدرسية”، تم الوقوف على مذكرة وزارة التربية الوطنية رقم 09 بتاريخ 4 فبراير 2008 مستندة في ذلك على توصيات الندوة التي نظمها المجلس الاعلى للتعليم ” المدرسة والسلوك المدني ” بتاريخ 23-24 ماي 2007 والتي تشرفت بالرسالة الملكية التوجيهية المؤرخة في 21 ماي 2007 .هذه المذكرة موجهة إلى جميع المؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية في موضوع ” الأسرة والمدرسة معا لترسيخ السلوك المدني ” تدعو من خلالها الوزارة جميع المؤسسات والمتدخلين التربويين إلى العمل على نشر وترسيخ السلوك المدني داخل الوسط المدرسي ومن خلاله في جميع الفضاءات الاجتماعية .

ونظرا لأهمية هذه المذكرة فإن موقع تاكسي نيوز يعيد نشر هذه المذكرة المرجعية تعميما للفائدة . وبهذه المناسبة الحزينة نترحم على روح ذلك التلميذ الذي ذهب ضحية للعنف المدرسي – مع كامل الأسف – ونتقدم بتعازينا لأسرته الصغيرة والكبيرة ونتمنى من أعماق قلوبنا ان لا تتكرر مثل هذه الأحداث الأليمة وإن تنعم جميع الفضاءات التربوية والاجتماعية بالسلم والتسامح لأننا شعب أصيل ومسالم يستحق أن يعيش في أمن وسلام .

وفيما يلي نص مذكرة الوزير السابق للتعليم :

مذكرة رقم: 09

إلـى السيدات والسادة:

مديرات ومديري الإدارة المركزية

مديرة ومديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين

نائبات ونواب الوزارة

مفتشات ومفتشي التعليم الابتدائي والتعليم الثانوي
والتخطيط والتوجيه والمصالح المادية والمالية

مديرات ومديري المؤسسات التعليمية

الموضوع: تنمية السلوك المدني بالمؤسسات التعليمية.

المراجــع: – الرسالة الملكية السامية في موضوع ” المدرسة والسلوك المدني ” بتاريخ 21 مايو 2007 .

رأي المجلس الأعلى للتعليم في دور المدرسة في تنمية السلوك المدني تحت عدد 189 بتاريخ 03 غشت 2007 .

الميثاق الوطني للتربية والتكوين.

حصيلة برامج التربية على حقوق الإنسان والمواطنة

ســلام تــام بــوجـود مــولانا الإمــام المؤيد بالله،

وبعـــد، تنفيذا للتوجيهات الواردة في الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في أشغال الندوة الوطنية في موضوع ” المدرسة والسلوك المدني” يومي 23 و24 مايو 2007 ، واستنادا إلى رأي المجلس الأعلى للتعليم في موضوع “دور المدرسة في تنمية السلوك المدني”، واستحضارا لمضامين ومقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وتعزيزا لجهود قطاع التعليم المدرسي المبذولة على مستوى التربية على حقوق الإنسان والمواطنة، تم تحديد شعارهذه السنة الدراسية في :

” الأسرة والمدرسة: معا لترسيخ السلوك المدني” .

واستنادا إلى إقرار السنة الحالية 2007-2008 سنة للتعبئة الشاملة والنقاش الموسع حول السبل الكفيلة لبلورة إطار تربوي تعاقدي وطني، وترسيخ قواعد السلوك المدني داخل الحياة والفضاءات المدرسية، وجعلها انشغالا يوميا،وأفقا متجددا ومجددا، يحظى بالأولوية في اهتمامات وبرامج القطاع، على اعتبار أن المدرسة المغربية رافعة للإصلاح المجتمعي المتجدد، وقاطرة لإعداد مستقبل أفضل للناشئة؛

وبناء على سلسلة اللقاءات التشاورية التي عقدتها الوزارة مع بعض القطاعات الحكومية والفرقاء الاجتماعيين والشركاء والمتعاونين المهنيين والجمعويين ووسائل الإعلام والمثقفين والفنانين والمبدعين من جهة، وبعد الإطلاع على المبادرات المفتوحة والأنشطة المختلفة المرتبطة بموضوع ” تنمية السلوك المدني”، التي قامت بها مختلف الأكاديميات والنيابات والمؤسسات التعليمية على امتداد التراب الوطني منذ إقرار شعار الدخول المدرسي منجهة ثانية تأتي هذه المذكرة والوثائق المرفقة لها من أجل تحديد الأهداف المتوخاة وطرق وآليات العمل وخاصة الآفاق الزمنية لمختلف المراحل.

وفي هذا السياق، وانطلاقا من كون موضوع السلوك المدني يكتسي أهمية كبرى، بالنظر إلى قيمة الإنسان في حد ذاته، وبالنظر إلى علاقة السلوك العضوية بمنظومة القيم، وبتطور درجات الوعي بمكانة الأفراد والمؤسسات داخل المجتمعات، وبنوعية العلاقات السائدة بينهم.

ونظرا لأن تنمية السلوك المدني، في حالتنا الوطنية، تعبير عن الحاجة الملحة إلى ترسيخ علاقات واضحة وواعية ومسؤولة، فيما بين الأفراد ومؤسسات الدولة والمجتمع، على قاعدة الاحترام التام للحقوق والواجبات على حد سواء.

فإن المدرسة، من هذا المنطلق، تعد المؤسسة التربوية والاجتماعية الأهم، فيما يخص تربية وتكوين الفرد على السلوك المدني المؤهل للقيام بالوظائف الاجتماعية الأساسية، ومساهمة بشكل كبير إلى جانب باقي مؤسسات التنشئة الاجتماعية في تنمية الاتجاهات والمواقف والسلوكات العلائقية والتواصلية بين مكونات المجتمع.

والمدرسة المغربية، لها من التراكم على مستوى البرامج والمبادرات ذات الارتباط بالتربية على حقوق الإنسان والمواطنة،ما يؤهلها لأن تلعب أدوارا طلائعية في مجال تنمية السلوكات الإيجابية لدى المتعلمات والمتعلمين وكافة الفاعلين التربويين والإداريين.

فالسلوك المدني، سواء كان عملا حركيا أو تفكيرا أو أداء لغويا، أو مشاعر وانفعالات أو إدراكا… ينبغي أن يكون مرتبطا بثقافة المواطنة كقاعدة للتحرك المشترك،ومكثفا للوعي باحترام الحقوق والحريات، ومراعيا لآليات التصريف الديمقراطي لكل أوجه الاختلاف.

والرهان اليوم، هو أن يصبح ” السلوك المدني” مؤطرا لجياتنا اليومية، ولكل التفاعلات بين مكونات مجتمعنا، بما يجعلها مزودة بشحنات من التعبير عن الانتماء للمجتمع على قاعدة المواطنة، ومن الاحترام لحقوق وحريات الإنسان، ومن الالتزام بآليات التصريف الديمقراطي للاختلاف. وأن يصبح المحيط الاجتماعي والمؤسساتي محكوما بهذه المقومات الثلاثة الأساسية، التي تجعل الفرد يستجيب له بطريقة إيجابية، حتى يحقق تكيفه وتوافقه مع هذا المحيط.

لذلك، فالمقومات السلوكية هي التعبير العملي عن الهدف التربوي العام، المتمثل في
” تنمية السلوك المدني” وهي عبارة عن عادات سلوكية وفكرية واجتماعية وانفعالية ينبغي إكسابها للنشء. ويتطلب الانتقال من الهدف العام إلى ترجمته فيشكل عادات ضرورة إدراك طبيعة وشكل الكفاءات والقدرات والمهارات التي سيتم الارتكاز على تنميتها لدى المتعلمات والمتعلمين، لإكسابهم القدرة على ممارسة مجموعة من الأداءات السلوكية الإيجابية.

وبهذا الطموح، ينبغي الانكباب بشكل جماعي ومشترك- فاعلون ومهتمون وشركاء ومتعاونون- على بلورة إطار عمل وطني متكامل، تنبثق عنه خطط جهوية وإقليمية ومحلية للتنمية وترسيخ ” السلوك المدني” والحد من “السلوكات اللامدنية” بمختلف أشكالها، ومن أجل الارتقاء بالعلاقات التربوية والتعليمية الكفيلة بتحقيق الجودة المنشودة لنظامنا التربوي.

طرق العمل:

رصد مختلف أشكال الممارسات الإيجابية والسلوكات المدنية داخل فضاءات المدرسة المغربية، والبحث عن سبل تثبيتها وتعزيزها ودعمها وتعميمها؛

تشخيص واقع الحياة المدرسية،ورصد مختلف أنواع السلوكات اللامدنية والممارسات السلبية، وإخضاعها لتحليل علمي وتربوي، للتعرف على أسبابها وتحديد طرق ووسائل تقويمها؛

تشخيص طبيعة وشكل العلاقات القائمة بين مختلف مكونات الحياة المدرسية داخل المؤسسات التعليمية:الفضاءات الزمنية والمكانية والمتدخلون في استعمالها وتدبيرها؛

نشر وتعميم مضامين ومحتويات مختلف الوثائق التربوية، المرتبطة بقضايا السلوك المدني، والاستئناس بها؛

تقييم عمل الأندية التربوية المختلفة، وأداء مختلف المجالس : مجلس التدبير والمجالس التربوية والتعليمية داخل المؤسسات؛

إشراك التلاميذ والأطر الإدارية والتربوية وآباء وأمهات وأولياء التلاميذ وجمعيات المجتمع المدني؛

الاستفادة من تجارب الدول الرائدة في مجال تنمية السلوك المدني؛

تنظيم ندوات وتظاهرات فكرية وثقافية وأيام دراسية وأنشطة إخبارية وتحسيسية وتوعوية لضمان انخراط الجميع في النقاش والحوار والمساهمة في بلورة الأفكار والاقتراحات؛

تجميع المقترحات الرامية إلى بلورة خطة وطنية لتنمية السلوك المدني.

آليات العمل:

بالإضافة إلى الدور الذي تلعبه الأطر الإدارية والتربوية داخل المؤسسات التعليمية يجب إشراك التلميذات والتلاميذ وحثهم على المساهمة في وضع التصورات التربوية لتنمية السلوك المدني من خلال التعاونيات المدرسية وجمعيات الأنشطة الاجتماعية والتربوية والرياضية ومختلف الأندية المدرسية وبرلمان الطفل والمجالس الجماعية للأطفال…؛

ونظرا للدور الذي تلعبه الأسرة كطرف شريك في ترسيخ قيم السلوك المدني لدى الناشئة فإن جمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ والتلميذات ينبغي أن تحظى بأهمية بالغة من خلال إشراكها في جميع مراحل الاقتراح والإعداد والتخطيط والتنفيذ والتقويم المرتبط بالخطة الوطنية لتنمية السلوك المدني.

كما ينبغي إشراك كل فعاليات المجتمع المدني من فاعلين جمعويين وحقوقيين ومنظمات حكومية وغير حكومية ومختلف وسائل الإعلام، سواء على مستوى وضع البرامج والأنشطة أوعلى مستوى تنفيذها وتصريفها.

كما يجب إحداث آلية للرصد والتتبع والتقويم المستمرين لكل العمليات والأنشطة المرتبطة بالأهداف المشار إليها أعلاه، سواء على المستوى الجهوي أو الإقليمي.

كرونولوجية العمل والنتائج المنتظرة:

المحطة الأولى:

إلى غاية نهاية أبريل: مواصلة الحوار عبر فتح أوراش عملية جهويا وإقليميا ومحليا، بإشراك كل الشركاء الاجتماعيين منجمعيات المجتمع المدني والجمعيات المهنية والحقوقية، والقطاعات الحكومية ومختلف وسائل الإعلام، مع ضرورة المواكبة والتتبع والتوثيق لمختلف العمليات والأنشطة،عبر تقارير مفصلة تجمع في تقارير تركيبية على مستوى النيابات والأكاديميات.

المحطة الثانية:

النصف الأول من شهر ماي : تقديم حصيلة الأوراش الجهوية والإقليمية والمحلية وبلورة مشروع الإطار التربوي التعاقدي الوطني.

المحطة الثالثة:

خلال المنتصف الثاني من شهرماي سيتم تنظيم ندوة وطنية لدراسة والمصادقة على مشروع الإطارالتربوي التعاقدي الوطني ومواثيق مختلف مكونات الحياة المدرسية وكذا مشروع الخطة الوطنية لتنمية السلوك المدني انطلاقا من الدخول المدرسي المقبل.

المحطة الرابعة:

الإعلان عن الإطار التربوي التعاقدي الوطني والمواثيق والخطة الوطنية لتنمية السلوك المدني.

وفي الختام، واستحضارا للأهمية البالغة لدور المدرسة في تنمية السلوك المدني، فإني أهيب بالسيدة والسادة مديرة ومديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والنائبات والنواب الإقليميين الحرص على تنفيذ مقتضيات وروح هذه المذكرة، وتسخير كل الطاقات التي تزخر بها جهات وأقاليم المملكة المغربية. كما أرجو منكم الحرص على توفير ما يلزم من إمكانيات لإنجاح الأنشطة والأوراش الضرورية،وضمان انخراط كل الفعاليات لتحقيق الأهداف المتوخاة من هذه المذكرة، والســـــلام .

وزير التربية الوطنية والتعليم العالي
وتكوين الأطر والبحث العلمي

أحمد اخشي

الاخبار العاجلة