تحف معمارية فرنسية جميلة بقصبة تادلة و الضواحي في طور الانقراض، الحي الاوروبي معلمة للتحديث غزاها الاسمنت و الترييف

26 يناير 2018
تحف معمارية فرنسية جميلة بقصبة تادلة و الضواحي في طور الانقراض، الحي الاوروبي معلمة للتحديث غزاها الاسمنت و الترييف
قصبة تادلة: محمد البصيري
ترك المستعمر الفرنسي بمدينة قصبة تادلة بعد الاستقلال حيا عصريا و حديثا، يطلق سكان المدينة حي ‘الكانتيرات’. معلمة تشتمل على كل مقومات المدن العصرية، شوارع فسيحة، مساكن و فيلات ذات هندسة أوربية ساحرة بسقوف جدابة بالقرميد الاحمر، و مرافق لازالت رغم التهميش تغري الزائر بالتأمل و التملي، فضلا عن أغراس و انواع من الاشجار متأقلمة مع مناخ المنطقة. الفرنسيون أنشؤوا حيا يوفر كل متطلبات الحياة العصرية أنذاك، مطاعم، حانات، سينما، مسبح، مستشفى، مرافق إدارية بلمسة إبداعية و فنية رائعة، مراحض، حدائق، كما كان يحتضن أنشطة رياضية و ترفيهية، و سهرات لابرز المغنين الفرنسيين. غير أن هذه المعلمة الفرنسية التاريخية التي أطلق عليها إسم ‘باريس الصغيرة، شهدت منذ الاستقلال و حتى الآن تحولات أثرت سلبا على مفاتن و ملامح الحي. العديد من المساكن ذات الطابع الاوربي تحولت إلى مباني اسمنتية بلا روح و بلا رونق، مشهد السنيما و المسبح و بعض المطاعم يدمي القلب، المراحض العمومية انقرضت، احتلال مقزز للارصفة، و انشطة مهنية مسيئة لجمالية المكان، فضلا عن تحويل اجمل حديقة ذات الاغراس الساحرة إلى فضاء اسمنتي قاحل. وحدها معلمة مقر البلدية حافضت على هندستها الفريدة و البديعة رغم أن ساعتها الشهيرة توقفت منذ عقود عن الدوران و كأن الزمن لا قيمة له.
بمحاذاة هذا الحي الجميل، كانت فضاءات تحتوي على أنواع مختلفة من الاشجار و التي تحولت مع مرور الزمن إلى أحياء و مباني (حيي الداخلة و الودادية).
بعض الشعاب و سط المدينة التي زينها المستعمر بمختلف أشكال الاشجار تم دكها بالاتربة، كما أن جنبات نهر أم الربيع التي جعل منها المعمرون فضاءات للاستجمام، و زينوها بالاشجار تحولت مع مرور الوقت الى فضاءات قاحلة و ملوثة بالنفايات. و حتى غابة باكملها شرق المدينة كانت عبارة عن محمية إيكولوجية، انقرضت بالكامل. كما أن العديد من المباني الجميلة بضواحي المدينة التي انشأها المعمرون بضيعاتهم، تعرضت للاهمال و لم يتم ترميمها و حلت محلها مساكن عشوائية بلا جمالية. وكمثال على ذلك المصير المؤلم للضيعة المعروفة محليا ب ‘الفرمة الحمراء’ و التي لازالت بنايتها رغم الاهمال شاهدة على جمالية و جاذبية الهندسة الفرنسية بالعالم القروي.
و يبقى التسؤال المحير و المقلق، لماذا لم يتم إصدار قوانين صارمة منذ الاستقلال، تمنع تغيير معالم الحي و عمارته الاوروبية ليبقى شاهذا لكل الاجيال عن حقبة من تاريخ بلادنا، كما فعلت دول أوروبية وأمريكية، حيث نجد مثلا بمونريال الكندية الحي الايطالي و الفرنسي و الانجليزي في اطار تلاقح الثقافات.
الاخبار العاجلة