ثلاث جمعيات من المجتمع المدني يصنعون الحدث في اشغال أوراش 2 بجماعتي فم العنصر و تاكزيرت

12 أغسطس 2023
ثلاث جمعيات من المجتمع المدني يصنعون الحدث في اشغال أوراش 2 بجماعتي فم العنصر و تاكزيرت

مراسلة/ إسماعيل بوهاشم

 

“أوراش” برنامج حكومي، يَتمّ تنزيل نسخته الثانية منذ فاتح يونيو 2023. لن نُقَارب الموضوع من النواحي التقنية، ولن تَسْتَعْبِدنا لغة الأرقام التي تَعُجّ بها عدة مقالات في مختلف المواقع. ما لَفت انتباهنا في البرنامج هو تعزيز المقاربة التشاركية عبر برنامج حكومي يسهر على تنزيله المجلس الإقليمي لإقليم بني ملال مشكورا. تِلكُم المقاربة التي دعت إليها دورية الوزير الأول رقم 7/2003 بتاريخ 27 يونيو 2003، ثم عَزّزها الدستور المغربي في فصوله 12، 13، 14 و15، وهِيَ هِيَ المقاربة التي ما فتئت المؤسسات الدولية المُموّلة كالبنك الدولي تدعو إليها في كل حدب وصوب. والإيمان بأهمية المقاربة التشاركية هو ما زجَّ بنا للتطرق لموضوع اوراش باعتباره تنزيل حرفيّ لهذه المقاربة.

فبرنامج أوراش فكرة مبتكرة، خصوصا الشق المتعلق بالأوراش العامة المؤقتة، والتي تمثل حصة الأسد في البرنامج. عَقْدُ شراكات مع جمعيات المجتمع المدني من أجل تنزيل المشروع آلية من آليات تعزيز مشاركة الجمعيات في التنمية المحلية، وتَعزيزُ المشاركة شرط من شروط الحكامة الجيدة. يُمكننا أن نضع برنامج أوراش ضمن المستويات العليا الثلاث (سلطة المواطن le pouvoir citoyen) لسلم شيري أرنستان (ARNSTEIN Sherry, 1969) للمشاركة المواطنة. هذه المستويات تُمَكِّن من فتح المجال أمام جمعيات المجتمع المدني لإدارة برنامج، وتَحَمُّلِ المسؤولية الكاملة في جوانبه السياسية والإدارية، وكما تُمَكّن الجمعيات من سلطات حقيقية في اتخاذ القرار.

ويعزز أيضا برنامج أوراش من تكامل الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية في شراكة بين المجالس الإقليمية وجمعيات المجتمع المدني. وهذه العلاقة التكاملية هي ما يقره لويك بلونديو (Loïc Blondiaux) في حديثه عن الديمقراطية الحقيقية. حيث يدعو الفاعل السياسي المنتخب عن طريق الديمقراطية التمثيلية إلى العمل جنبا إلى جنب مع الفاعل الجمعوي، وذلك من أجل تعزيز الثقة والشفافية وقطع السبيل أمام المعلومات المغلوطة والاشاعات التي تَطفو بين الفينة والأخرى، وتنتشر كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي.

الأجدر من ذلك، أنه يجب على الفاعل السياسي والمسؤول العمومي تشجيع الشباب الجمعوي على المزيد من الاجتهاد والابتكار. وهذا لُبُّ ما أقره جلالة الملك محمد السادس نصره الله في خطابه الأخير. حيث دعا إلى التفاني في العمل، وجعل نصره الله من الجدية قُطب الرحى في خطابه مكررا إياها 12 مرة. وأكد حفظه الله ورعاه أن الشباب المغربي كلما توفرت له الظروف وتسلح بالجد وبروح الوطنية يبهر العالم. وهذا ما لمسناه في العمل الذي قامت به ثلاث جمعيات من المجتمع المدني يقودها شباب تَشبّعوا بالعمل الجمعوي منذ نعومة أظافرهم. الجمعيات الثلاث تسهر على إنجاح برنامج أوراش 2 في جماعتي فم العنصر وتاكزيرت. وأبهرت الجمعيات الثلاث الساكنة بما قامت به من خطوات مِنْها ما يُعزّز المقاربة التشاركية، ومنها ما يقوم بتنزيلٍ أمثل لبرنامج أوراش.

جمعية تصميت للثقافة والتنمية والمحافظة على البيئة-أدوز جمعية ذائعة الصيت في دوار أدوز، ستحتفل الجمعية السنة المقبلة بمرور ربع قرن (25 سنة) على تأسيسها. كانت الجمعية أول من ابتكر فكرة حملات نظافة دورية وجمع النفايات بواسطة عربة تجرها دابة، وكانت تستخلص من الساكنة أجرة عامل النظافة شهريا. الجمعية أَنْجَبت العديد من الطاقات الشابة. من لا يشكر الناس لا يشكر الله، سنحت لي الفرصة أن أكون من هؤلاء الشباب الذين ترعرعوا بين أحضان جمعية تصميت، وتعلمت فيها أخد الكلمة والتعبير عن الرأي، وتَشرّبْت أبجديات العمل الجمعوي، سأبقى ممتنا لها، لأنها هي من غرست فينا حب العمل الجمعوي التطوعي. ويترأس الجمعية حاليا  محمد أحمو وقد كان أحد رُوادها، واستفاد من خدماتها وهو طفل، والآن وهو شاب يتحمل مسؤوليتها على عاتقه.

انخرطت جمعية تصميت في برنامج أوراش 2 بورش النظافة، تنقية السواقي وتنقية المقابر. يُصرح محمد أحمو رئيس الجمعية أن البرنامج يضم 50 عاملا تم اختيارهم من عدة دواوير بعيدا عن الزبونية والمحسوبية. ويؤكد أنه تم التنسيق مع جُلّ الفاعلين المحليين في اختيار العمال لكي يكون هناك التوافق، وتتم تغطية معظم الدواوير. من أهم إنجازات الجمعية في برنامج أوراش عملية تشجير وتزيين جنبات الطريق، وهي بادرة استحسنها الجميع وزادت من رونق مدخل الجماعة من جهة بني ملال. وصرح رئيس الجمعية أن عملية التشجير عمل تشاركي بين الجمعية والجماعة المحلية. وأكد أن الفكرة اقترحها رئيس المجلس الجماعي ووافقت الجمعية على المساهمة في تنزيلها لما لها من وقع ملموس لبرنامج أوراش 2. وفي إطار عمل تشاركي، قام عمال برنامج أوراش بغرس أزيد من 460 شجرة اقتنتها الجماعة المحلية. وصرح لنا رئيس الجمعية أن عملية التشجير مقسمة إلى ثلاث أشطر: الشطر الأول ثَمَّ إنجازه وهو مدخل دوار أدوز، الشطر الثاني سيمتد على طول طريق المارة من دوار أدوز، أما الشطر الثالث فسيمتد على طول الطريق المارة من دوار سابك وجماعة فم العنصر إلى الحدود الترابية لجماعة فم العنصر مع جماعة تاكزيرت. وفي تصريحه، شكر رئيس الجمعية السلطات المحلية والمجلس الجماعي على التعاون المنقطع النظير الذي يقدمونه له. ونوه بالخصوص بالمجلس الجماعي لالتزامه بالسقي اليومي للأشجار، وخصصت الجمعية بدورها حرّاسا لمراقبة الأشجار لكيلا يتم اقتلاعها.

اما الجمعية الثانية فهي جمعية أمزوك للماء الصالح للشرب بفرياطة من بين الجمعيات التي تدبير مرفق توزيع الماء الصالح للشرب، وحسب المعطيات التي أعلنها المجلس الأعلى للحسابات فعدد الجمعيات التي تدبر هذا المرفق العمومي لا يتجاوز 6800 جمعية. نجحت جمعية أمزوك للماء الصالح للشرب بفرياطة في تدبير هذا المرفق في حين استعصى الأمر على العديد من الجماعات المحلية والوكالات الخاصة. الجمعية تدبر ما يزيد عن 2400 عدّاد لتزويد ساكنة فرياطة بالماء الصالح للشرب وتسهر على خمسة آبار. وتقوم بعملٍ جَلل، يكفي أنها أَحْدثَت ثلاثة مناصب شغل قارة، وأنها تدفع في فاتورة التيار الكهربائي ما يقارب أربعين مليون سنتيم سنويا (000 400 درهم). وصرح لنا  يوسف عماد الدين عشا رئيس الجمعية أنه لم يتوصل قطّ باستدعاء من طرف السلطات المحلية في إطار شكاية في موضوع الخدمات التي تقدمها الجمعية.

وليس بِبَعيد عن مجال تخصصها، تُشارك الجمعية في برنامج أوراش 2 بورش تنقية السواقي لما له من دور في ترشيد الماء وحكامة المائية بصفة عامة. ويصرح  والعيد وعنيني المكلف بتتبع برنامج أوراش 2 أن المستفيدين ثم اختيارهم من كل دواوير مشيخة فرياطة بالتنسيق مع كل الفاعلين المحليين. وثم التوافق بين المستفيدين، واستحسنت الساكنة الأشخاص الذين تم اختيارهم. وقامت الجمعية بتنقية السواقي من الأوحال والحصى، كانت البداية مع ساقية فشتالة التي تنبني عليها الفلاحة في فرياطة، ومكنت تنقيتها من سرعة تدفق الماء في السواقي، الشيء الذي استحسنه الفلاحون حسب تصريح السيد والعيد وعنيني. وتلتزم الجمعية حسب البرنامج تنقية عدة سواقي بجماعة تاكزيرت وفق برنامج سطرته الجمعية يمتد إلى غاية 30 شتنبر 2023.

والجمعية الثالثة هي جمعية أوشرح للثقافة والتنمية بجماعة تاكزيرت تُشارك هي أيضا في برنامج أوراش بورش النظافة والصباغة. ويصرح محمد المغني رئيس الجمعية أن نجاح تجربة أوراش 1 السنة الماضية دفعنا إلى الإبداع في تنزيل أوراش 2. حيث إن الجمعية اعتمدت مقاربتين من أجل تنزيل البرنامج: مقاربة النوع والمقاربة التشاركية. قامت الجمعية بإدماج العنصر النسوي في البرنامج، فَتَمّ اختيار أورحو خديجة الحاصلة على دبلوم التقني المتخصص في شبكات المعلوميات لتتحمل مسؤولية تتبع برنامج أوراش 2، ويوضح  الرئيس أنه تم قبول طلب  أورحو خديجة من بين عشرات الطلبات التي توصلت بهم الجمعية. ويضيف  الرئيس أن السنة الماضية كانا المسؤولان عن البرنامج هما  هشام أتوجليت ومحمد امار، فكانت هذه السنة مناسبة لإعطاء مسؤولية تَتَبُّع البرنامج للعنصر النسوي. كما أن الجمعية اعتمدت أيضا مقاربة النوع في اختيار العمال. حيث تم اختيار أربعة عمال وعاملة من كل مشيخة من المشايخ الخمس لتاكزيرت (مشيخة ايت احمد ومشيخة ايت وودي ومشيخة حنصالة ومشيخة فرياطة ومشيخة ايت احبيبي). وبطريقة ديمقراطية ثم انتقاء العمال والعاملات عن طريق قُرعةٍ تمت بمقر قيادة تاكزيرت.

وتصرح  خديجة أرحو المسؤولة عن تتبع البرنامج أن الجمعية اعتمدت أيضا المقاربة التشاركية، حيث قامت باشراك جمعيات المجتمع المدني في البرنامج، وفتحت الفرصة للجمعيات بإرسال طلبات بتحديد النقط التي تتطلب تدخل عمال أوراش. وبذلك أصبحت كل الجمعيات تشارك في البرنامج باقتراحاتها التي يتم إدراجها في البرنامج الشهري. اعتمادُ المقاربة التشاركية في تنزيل أوراش 2 فكرةٌ تستحق التنويه، وتُعزّز من مشاركة باقي الجمعيات في نفس الورش، وتُساهم في الثقة وتقطع حبل الانتقاد من طرف الفاعلين الجمعويين باعتبارهم مشاركين فعلين في البرنامج عبر اقتراحاتهم. وتضيف، خديجة، أرحو أن الجمعية بصدد التنسيق مع السلطات المحلية من أجل التصدي بشكل تشاركي للبؤر السوداء بتراب الجماعة. وهي مناطق يتم تنظيفها، ولكن دون جدوى تبقى مرمىً للنفايات المنزلية مما يسبب نوعا من الإحباط لدى العمال. وراسلت الجمعية، توضح أرحو، السلطات المحلية مُعبّرة على مجموعة من الاقتراحات منها الزجرية منها التوعوية. وكان لقاؤنا مع  خديجة أرحو مناسبة لتشكر السلطات المحلية على تعاونها وكذا  رئيس الجماعة الذي يساهم جنبا إلى جنب في أنجاح برنامج أوراش بتوفير شاحنة وسائق بشكل يومي، كما يوفر مواد الصباغة.

برنامج أوراش برنامج فَتِي لا زال في بداياته، لدى ندعو المجلس الإقليمي مشكورا على مجهوداته إلى تعيين لجنة من أجل تقييم البرنامج والوقوف على الأفكار الجمعوية الإبداعية الناجحة وتقاسمها مع الفاعلين الجمعويين وجعلها توصيات لبرنامج أوراش 3. كما ندعوه إلى إضافة أوراش أخرى كالتنشيط الرياضي والتربوي وإلى تفصيل الجدولة المالية للبرنامج خصوصا المتعلق بالتعويض عن التأطير، لكونها تشكل نقطة خلاف بين أعضاء بعض المكاتب المسيرة للجمعيات. كما يُرجى تحديد معايير محددة وفق شبكة تقدم للجمعيات يتم عبرها اختيار المستفيدين ثم الحسم بالعودة إلى القرعة كآلية ديمقراطية منصفة لقطع حبل الانتقاد الذي يوجه للبرنامج في بعض المنابر الإعلامية.

الاخبار العاجلة