أي دور لجمعيات المجتمع المدني بجماعة فم العنصر- إقليم بني ملال؟

12 مايو 2023
أي دور لجمعيات المجتمع المدني بجماعة فم العنصر- إقليم بني ملال؟
إسماعيل بوهاشم- باحث في مشاركة جمعيات المجتمع المدني في البرامج العمومية/ جامعة إكس مارسيليا

 

في بادرة تُحْسب لها، الجماعة الترابية لفم العنصر تطلق موقعها الرسمي: Https://communefoumelanceur.ma
حَدَثٌ بالغ الأهمية، ولكن للأسف لم نَجِد له صدى بين نشطاء المواقع الاجتماعية. نُهنئ المجلس الجماعي على هذه الخطوة الأولى نحو الشفافية وسياسة القرب، ونتمنى أن تكون هذه الخطوة المحطة الأولى لانفتاح الجماعة على محيطها. ونتمنى كذلك أن يسير المجلس سير الجماعات التي تبنت سياسة الجماعات المفتوحة.

تَطَرُّقُنَا لهذا الموضوع ليس من باب الترف أو المجاملة، ولكن لقناعتنا الراسخة بالدور الأساسي الذي يُمَكنُه الموقع الرسمي للجماعة الترابية من الانفتاح والتواصل مع المواطنين وهيئات المجتمع المدني. ولَأَدَلُّ دَليل على ذلك، التزام الدولة المغربية عبر انخراطها فيما يسمى الشراكة من أجل الحكومة المنفتحة (le Partenariat pour un Gouvernement Ouvert (PGO)). حيث أن يوم 26 أبريل 2018، أصبح المغرب العضو 76 ب PGO بعدما صادق على القانون 13-31 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومة. وتلتزم الدولة المغربية بتنزيل مخطط عمل وطني (Plan d’action national) بشراكة مع جمعيات المجتمع المدني.

 

انفتاح الجماعة الترابية على محيطها عبر تحديث موقعها الرسمي بشكل دوري يعزز من الثقة والشفافية ويُمكن المواطنين من تتبع وتقييم السياسات العمومية للجماعة (OCDE, 2017). تقرير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية الصادر سنة 2022 يؤكد أن التواصل بين المسؤولين المحليين منتخبين أو موظفين عموميين مع المواطنين وجمعيات المجتمع المدني يساهم في محاربة المعلومات المغلوطة والاشاعات أو حسب تعبير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE): Les mésinformations et les désinformations

يجرنا الحديث إلى موضوع بالغ الأهمية، هو موضوع يؤرقنا ونحن نتتبع الشأن المحلي بجماعة فم العنصر، إذ نتساءل أين هي جمعيات المجتمع المدني بجماعة فم العنصر؟ كان المجتمع المدني بجماعة فم العنصر يُضرب به المثل إقليميا، كان عضوا باللجنة الإقليمية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ممثلا للمجتمع المدني بالإقليم، استطاع الفاعل الجمعوي الأُسْعيدي خلق الحدث في المساهمة في التنمية المجالية لجماعة فم العنصر، جمعيات بذات الجماعة جلبت مشاريع تنموية دولية كانت إضافة نوعية واتسمت بنكران الذات، جمعيات وتعاونيات كان صداها يسمع في جل دواوير جماعة فم العنصر، جمعيات كانت تتكامل في اختصاصاتها بما له نفع للمواطنين الأُسْعيديين، جمعيات كانت مُبادِرة في خلق أفكار من أجل الخدمة العمومية، يكفي القول أن جمع النفايات بأدوز كان من مبادرة جمعوية و كذا تمكين أطفال ما وراء جبل تصميت من حقهم في التمدرس كان من مبادرة جمعوية أيضا. أتساءل الآن وبمرارة أين جمعيات المجتمع المدني بجماعة فم العنصر؟ أين نكران الذات؟ هل فعلا طغت عليه المصلحة الشخصية كما يصرح البعض؟

نَكْسَةُ العمل الجمعوي بجماعة فم العنصر يخالف التقدم على المستوى القانوني الذي عرفته المقاربة التشاركية خلال العقدين الأخيرين. من باب الإشارة، كانت البداية مع المفهوم الجديد للسلطة الذي تبناه جلالة الملك محمد السادس نصره الله سنة 1999، والذي يدعو إلى الانفتاح على هموم المواطنين عبر العمل الميداني. ثم تلاه منشور رئيس الحكومة ادريس جطو رقم 2003/07، الذي يدعو إلى تشجيع المبادرات الجمعوية بعقد شراكات مع جمعيات المجتمع المدني. سنة 2005، انطلق الورش الملكي: المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. ثم جاء دستور 2011 ليعطي صلاحيات دستورية للمجتمع المدني، ثم القوانين المنظمة الجماعات الترابية 111-14، 112-14 و113-14 التي عززت دور جمعيات المجتمع المدني على المستوى المحلي والإقليمي ثم الجهوي.

ومنذ 2014 والمغرب يحتفل بيوم 13 مارس يوما وطنيا للمجتمع المدني. فضلا عن ذلك، القانونان التنظيميان 14-64 و14-44 المتعلقان بتقديم العرائض وملتمسات للتشريع فَتَحَا المجال لتكريس المقاربة التشاركية. نظريا كل هذه القوانين والإصلاحات الدستورية تعزز المقاربة التشاركية، ولكن حسب بحثنا في الموضوع لازال المجتمع المدني لم يستوعب بعد الأهمية البالغة لموقعه داخل الترسانة القانونية خصوصا الصلاحيات التي أقرها له الدستور.

عدم نضج المقاربة التشاركية يعرقل مسلسل التنمية، حيث يتفق كل الباحثين أن الديمقراطية التمثيلية لوحدها لن تستطيع خلق القيم العمومية خصوصا قيمة الثقة بين المواطنين والمؤسسات العمومية. وهذا ما يؤكده تقرير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية الصادر سنة 2021 بقولها إن 41.1% من المستجوبين في 22 دولة لا يثقون في السلطات العمومية.

وفي بحث أكاديمي حول دور جمعيات المجتمع المدني في الحكامة المحلية، استنتجنا أن التنمية تستوجب ما نسميه 3C التي تَخْتَصِر les trois combinaisons:

• دمج المشاركة التقليدية مع المشاركة الإلكترونية
Combinaison de la participation traditionnelle et la participation électronique

• دمج الديمقراطية التشاركية مع الديمقراطية التداولية
Combinaison de la démocratie délibérative et la démocratie participative

• دمج الديمقراطية التشاركية مع الديمقراطية التمثيلية
Combinaison de la démocratie représentative et la démocratie délibérative

3C تمكن من خلق ديمقراطية حقيقة على حد تعبير كورديرو (2014) و بلونديو (2009). لأنها تربط بين كل الفاعلين: مسؤولين سياسيين وعموميين، فاعلين جمعويين، مواطنين، ومواطنات. فهي تمكن من إشراك كل المواطنين عبر المشاركة الإلكترونية عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي والاجابة على استمارات إلكترونيا، كما أنها تفتح باب النقاش والتداول بين جميع أصحاب المصالح (les parties prenantes).

وأخيرا تَعْزِيزُ الديمقراطية التمثيلية بالديمقراطية التشاركية يجعل القرار السياسي صائبا وله مُدَافعين خارج دائرة أصحاب القرار السياسي.

نختم مقالنا بدعوة كل الفاعلين الجمعويين القاطنين بجماعة فم العنصر للعمل على جعل المجتمع المدني بجماعة فم العنصر نموذجا يحتذى به على المستوى الإقليمي والجهوي ثم الوطني. ويُمْكِننا العمل معا لِنصنع الحدث من أجل المساهمة في تنميةٍ محلية قوامها التشاور والثقة والشفافية. لذا أدعو كل الغيورين على هذه القرية على التواصل فيما بينهم لمعرفة الداء والبحث جميعا وبطريقة تشاركية عن الدواء، واترك لكم باب الاقتراح من أجل وضع استراتيجية فعالة.

 

الاخبار العاجلة