خليونا من إعلام التفاهة و”البوز” الخاوي!… “نحن اليوم وغدا ، أمام حرب اعلامية حول القضايا السيادية ستكون فيها الغلبة للمؤسسات القوية المؤثرة وليس لتلك التي تنتظر نشرة أو نشرتين أو “الكاميرا الخفية” كل سنة”

20 يونيو 2021
خليونا من إعلام التفاهة و”البوز” الخاوي!… “نحن اليوم وغدا ، أمام حرب اعلامية حول القضايا السيادية ستكون فيها الغلبة للمؤسسات القوية المؤثرة وليس لتلك التي تنتظر نشرة أو نشرتين أو “الكاميرا الخفية” كل سنة”
جمال مايس

 

 

كَشَفَت الأزمة المغربية -الإسبانية عن ضُعف وخلل كبير داخل قطاع الإعلام ، لاسيما الإعلام العمومي الذي ظهر باهتاً ومتواضعاً في تقديم تقاريره حول مُستجدات الأزمة ، بل بدا ضعيفا جدا في دفاعه عن القضية وقضايا أخرى سيادية متشابكة فيما بينها ، خصوصا وأن الإعلام الإسباني كان مُؤثرا في الرأي العام الإسباني و الأوروبي ،و العالمي.

فطبيعي أن نُشاهد إعلاماً باهتاً وغير قادر على مواجهة حملات الخصوم ، نظرا لكونه إعلام ممزوج ببرامج ترفيهية ودرامية ورياضية وثقافية وهزلية ، حيث لا تُخصص فيه سوى دقائق للنَّشرات الإخبارية (الظهيرة والمسائية، والأخيرة ..) ، وحتى أسماء هذه النشرات تعكس ضُعف موادها وهزالة فقراتها وربورتاجاتها .

فلا احد يُنكر ان الإعلام أصبح يلعب دورا محوريا ومؤثرا في الدفاع عن قضايا البلدان التي تحتضنه ، وتوجيه الرأي العام ودفعه للالتفاف حول أطروحات وقضايا الدولة السيادية ، فمثلا دولة قطر أصبحت من الدول المؤثرة في الأحداث الكبرى بالعالم ، ليس لكون هذه الدولة غنية بتروثها وبصناعتها وتجارتها واقتصادها وجيوشها وقواتها العسكرية ، لكن تكتسب هذه القوة لاحتضانها أقوى قناة في العالم “الجزيرة” ، فقطر استثمرت في هذه التجربة الإعلامية ومولتها في بدايتها ، لكنها اليوم تجني منها الثمار والغلة ، وفي نفس الوقت تحولت القناة إلى “غول” إعلامي أجهز عن الأخضر واليابس ، وأصبحت أقوى مؤسسة إعلاميا وماليا وتُحقق مداخيل بالملايير ، ومن ذا الذي يَجرأ على المساس بقطر أو الجزيرة إن صح التعبير .

لكل ما سبق ، فالمغرب الدولة الصاعدة لابد أن يستثمر في الإعلام ، ولا يُعوِّل على تقارير فاشلة من قنوات متخصصة في السهرات والكوميديا والافلام لتجابه تقارير قوية من قنوات الخصوم يتم تداولها في كبريات الصحف والقنوات العالمية، فوجب ان يؤسس المغرب مؤسسة إعلامية متخصصة بديلة عن المؤسسات الحالية ، ويُشغِّل بها صحافيين محترفين ، ويُنفق عليها لتُنافس القنوات الإخبارية العربية ولما لا العالمية (ولعل المثل في الجزيرة التي لم يظن احد وحتى مؤسسوها انها سوف تتربع على عرش القنوات الاعلامية العالمية).

من جهة أخرى ، وجب على الاعلام الحر ان يتحلى بالأخلاق وبالوطنية في تعاطيه مع بعض قضايا المجتمع ، فالمغاربة لا يحتاجون لقنوات تتربص بمحيط المؤسسات ، لتقتنص تلاميذ بعينهم فاقدين للأمل لأخذ تصريحات ساذجة منهم ، لا يعلمون خطورتها وانعكاساتها على مستقبل التعليم ومستقبل المجتمع والوطن ، ففي الوقت الذي يجب على الإعلام ان يتفادى تدمير المجتمع بفيديوهات تفتقد للمهنية وللأخلاق ، عليهم ان يبحثوا عن السبل التي تتقوى بها هذه المنابر لتنافس مثيلاتها في اسبانيا وفرنسا ،فعلى سبيل المثال فالثورات الفرنسية والأمريكية والاسبانية ، بعد نجاحها وظفت الصحافة في تبليغ افكارها ومبادئها بين المجتمع كالحرية والمساواة والعدل ، لم تبحث عن قنوات تصور تلميذ قاصر غير مسؤول عن أقواله أمام إعدادية أو ثانوية ليعطي صورة سلبية للأجيال القادمة وكأن المدرسة لا تنتج سوى تلك النماذج ، رغم ان الواقع يقول العكس فالمدرسة لاتزال بخير والمثال حين تتخرج افواج المتفوقين والمتفوقات من المدارس العليا والجامعات ، كالتلميذة اية أكرجوط ابنة بني ملال التي حصلت على لقب “ملكة الرياضيات بافريقيا”،وشيماء التي حصلت هذه السنة على اعلى معدل في التعليم العمومي جهويا، والدكتور عمر بنهمان الذي تربع على عرش المتفوقين باستراليا ودعمته الحكومة باضخم منحة ، بل هناك كفاءات مغربية اخرى تتابع دراستها بالخارج وتحصل على مناصب عليا وحساسة في قطاعات استراتيجية ،وخير دليل المغاربة العاملين بوكالة الفضاء الامريكية واليابانية والمدير المغربي المؤسس لشركة ادوية رائدة بكندا ، وغيرهم من الأدمغة.

فهذه رسالة واضحة إلى صناع القرار بالمغرب وأتمنى أن تلقى اذانا صاغية ، قد تكون هذه الرسالة غير مرغوب فيها لدى البعض في الأوساط الإعلامية ، لكن هذا واقع لابد من مُناقشته ، فنحن اليوم وغدا ، أمام حرب اعلامية حول القضايا السيادية ستكون فيها الغلبة للمؤسسات القوية المؤثرة وليس لتلك التي تنتظر نشرة أو نشرتين أو “الكاميرا الخفية” كل سنة.

الاخبار العاجلة