واقعة سوق الحي الحسني .. الشجـرة التي تخـفي غـابـة انـدحار القـيـم

1 أغسطس 2020
واقعة سوق الحي الحسني .. الشجـرة التي تخـفي غـابـة انـدحار القـيـم
الأسـتـاذ مـروان اغـربـاوي ـ مــحــام

البريد الالكتروني :avocat.maro.agh@gmail.com

      تداولت شبكات التواصل الاجتماعي و المواقع الالكترونية بتاريخ 30/07/2020 فيديو يوثق لعملية رشق بحجارة و سرقة أغنام من طرف مجموعة من “المواطنات و المواطنين” تعرض لها أحد الكسابين المتواجدين بسوق المواشي بالحي الحسني في وسط الدار البيضاء.

  وبطبيعة الحال فإن هذه الواقعة لا يمكن اعتبارها حدثا معزولا، بل إنها فقط نموذج لانـدِحَار القـيـم داخل المجتمع المغربي و تفشي الجهل والعنف داخله، و اختزال التدين في المظاهـر فقط.

    وبالرجوع لواقعة سوق الحي الحسني، فقد يتبادر للذهن أنني أخطأت بتسمية أولئك الفاعلين “بمواطنين و مواطنات” و الحال أنني تعمدت ذلك لأنه في الحقيقة أولئك هم فعلا مواطنون مغاربة يعيشون بيـنـنا و هم نِتَاج للمنظومة المتدهورة للتربية و التعليم وتفشي التفاهة في الإعلام المرئي و السمعي من خلال برامج ” الحموضة شــو” و المسلسلات المدبلجة و “سهرات الشطيح و الرديح” المتلفزة بالإضافة إلى بروز تجار الدين.

     كل هذا أنتج ما أصبح عليه حال أغلب المجتمع المغربي، إذ نجد المُرتشي و الموظف الشبح و التاجر الغشاش المتخصص في النصب على الزبناء، و كذا آكل أموال اليتامى والورثة، والمُغـتـني من الممنوعات إلى غير ذلك من النماذج المشوهة، يتسابقون على  الصفوف الأولى في المساجـد و يتنافسون على تحقيق أكبر عدد مرات قضاء العمرة و الحـج، و على اقتناء أكبر المواشي لإحياء السُنَـن و تقديس التقاليد بِغض النظر عن تنازلهم عن الفروض الأساسية و الـقِـيَـم الحـقـيـقـة، و هذه هي مظاهر طغيان ما يُسمى ب “تَـدَيُـن المظاهـر” الذي يختزل التدين في ممارسة طـقـوس و تـقـالـيـد معينة، بدل التَـدَيُن الذي ينطوي على تقويم السلوك و التمسك بالقيم والحق و المبادئ التي تجعل من الفرد إنسانا بما تحمله الكلمة من معنى.

الاخبار العاجلة