الحقيقة الضائعة ،قوارب الموت أم قوارب بداية الحياة ؟

16 سبتمبر 2018
الحقيقة الضائعة ،قوارب الموت أم قوارب بداية الحياة ؟
ما عساي أُسمي الظاهرة التي انتشرت مؤخرا كثيرا والتي ليست وليدة اليوم، ظاهرة لم تعد تقتصر كما السابق على الذكور فقط بل شملت في الحاضر حتى الإناث، ظاهرة أسبابها عدة وأهمها البحث عن مصدر رزق يضمن العيش الكريم للشخص الذي يخوض غمار المغامرة في عرض البحر بين الوصول على قيد الحياة أو الغرق، إنها ظاهرة الهجرة السرية !
الهجرة السرية أو التي صارت هجرة علنية على غرار ما كان سابقا هي ظاهرة استفحلت في أوساط مُجتمعنا مؤخرا، وصار يصبو لها الصغير قبل الكبير، طمعا في الوصول للضفة الأخرى التي تُمثل الحلم المرجو للكثيرين، حُلم قد يغدو كابوسا لعائلاتهم إذا ماغرقوا في عرض البحر فتصير رحلة اللاعودة !
وحسب رأي العديدين ممن يركبون الأمواج ليس لممارسة الكيت سورف وإنما هروبا من واقع مُر، فالأمر لم يعد يقتصر على البحث عن عمل فقط، بل تعداه للبحث عن عيش كريم في ظل بلدان تضمن لمواطنيها حق العلاج وحق تمدرس جيد والمساواة بين جميع الفئات وعدم الشعور بالظُلم والميز الإجتماعي، وهروبا من غلاء معيشي بالموازاة مع أجر شهري لا يكفي لمُتطلبات الحياة اليومية، أو أجر يومي هزيل بالنسبة للعاملين لا يسد حتى جوعهم.
ويرى الكثيرون من المهاجرين السريين أن العمل في الديار الأوروبية ولو بأجر قليل هو أفضل من الجلوس هنا مع عائلاتهم بلا عمل، حيث يُفضل العديد أن لا يكونوا عالة على أسرهم وقد بلغوا من العُمر ما يرونه فترة تحمل للمسؤولية والاعتماد على الذات، الشيء الذي قد يؤدي بالبعض لأن يصبروا على الجوع في بلاد الغُربة بدل أن يشعروا بالذل وهُم يُثقلون كاهل أسرهم في بلادهم !
وتعدى أمر الهجرة الأشخاص ذوي التعليم المدرسي أو الإعدادي، بل صار بعض حاملي الشهادات والشهادات العُليا يُخاطرون بأرواحهم من أجل العبور لما يرونه جنة لتحقيق أحلامهم، فصار الأمر كأنه هجرة سرية للأدمغة التي لم تجد فُرصا مُتساوية الحظوظ مع أبناء قرينتها ممن يملكون الوسائط، أو هروبا من التوظيف بالعقود الذي انتشرت مؤخرا أخبار فسخ العديد منها، والذي يرجع سببها على لسان المتعاقدين لظُلمٍ أو ابتزاز قابله عدم خنوع وقبول ليتم تطبيق بنود الطرد وفسخ العقد بغير حول ولا قوة للمتعاقد، ناهيك عن التمييز بين المتعاقدين والمرسمين واستغلال بعض من هؤلاء الأخيرين للأمر لتخويف والاعتلاء على زملائهم المتعاقدين ضاربين بعرض الحائط كل القيم المهنية والأخلاقية.
وفي ظل كل ما ذكرناه سابقا يبقى السؤال المطروح والذي يعيد نفسه دوما وأبدا : إلى متى سيستمر مسلسل الهجرة السرية في حصد أرواح أبناء هذا الوطن أو استغلال طاقاتهم في بُلدان أخرى ؟؟
الاخبار العاجلة